ما زالت الحملات التي تقوم بها بعض وزاراتنا ومؤسساتنا الوطنية مثل وزارة الداخلية والصحة وغيرهم هي حملات موسمية غير منتظمة تنشئ في أغلبها بعد ضغط شعبي أو حدوث مصيبة لا سمح الله موقعة الجهات المختصة في حرج كبير ، ولأجل رفع المسؤولية عنها تقوم بعمل هذه الحملات الموسمية تكون أقرب إلى ما يسمى " الفزعة " !!
فعند حدوث تسمم جماعي لا سمح الله في إحدى المناطق تلجأ وزارة الصحة من خلال دوائرها لفرض رقابة مكثفة على هذه المطاعم وتغلق بعضها وقد تعاقب بعض الموظفين المقصرين لتهدئة خواطر الناس مع أن الأصل أن تكون الرقابة المكثفة على مدار العام !!
وعندما أصدرت وزارة الداخلية تعميمها بمنع استخدام الألعاب النارية والمفرقعات لما تسببه من إزعاج كبير وخطورة على مستخدميها قامت حملات عديدة لأجل مصادرتها من المحلات مع أن الأصل أن تنسق الجهود لمنع إستيرادها ودخولها إلى البلد حتى لو كان فلان إبن علان هو من يستوردها لأن مصلحة الشعب ثم هيبة الدولة واحترام قوانينها أهم من فلان إبن علان !!
وعند دخول بعض المواد الغذائية والعصائر والحليب إلى هذا البلد واكتشاف مشكلة ما في هذه المواد أدت لظهور بعض العوارض والأمراض تقوم الجهات المختصة بعمل الحملات ووضع التعليمات لمنع تداول هذه المواد مع أن الأصل أن تكون الرقابة والفحوصات قبيل استيراد هذه المواد وقبيل تداولها وعلى مدار العام ، فلا مجال أبدا للتراخي وانتظار المشكلة عند حدوثها وهذا المنطق ينطبق أيضا على تلوث مياه الشرب !!
وأخيرا وليس آخرا الحملة الأخيرة لمصادرة مسدسات الخرز والتي جاءت بعد سقوط ثمانين طفلا كجرحى جراء لعبهم بهذه المسدسات !! فهل مصادرة هذه المسدسات بعد استيرادها هو الحل ؟! ألم يكن بالإمكان منع إستيرادها أصلا سيما أنه بعد كل عيد تخرج علينا إحصائيات رسمية تبين عدد إصابات الأطفال جراء لعبهم بهذه المسدسات !! هذا يعني أن المشكلة قديمة وما زال مستوردوا هذه المسدسات يدخلونها إلى البلد بطريقة شرعية أو غير شرعية !!
وسيأتي العيد القادم بإذن الله وتكون هذه المسدسات بين يدي أطفالنا لأن حملاتنا كما قلت هي فزعة موسمية لتهدئة الخواطر ورفع العتب ، وسيسقط الأطفال جرحى وستقام الحملات الروتينية الموسمية لمصادرتها وسيبقى فلان إبن علان يستوردها وهلم جرى ...
عندئذ سنستسلم للواقع وننشئ جمعية خاصة مخملية راقية تسمى " الجمعية الأردنية لضحايا مسدسات الخرز " وسيختصر القائمون عليها إسمها ليصبح " فأعّتونا " للفت الإنتباه
وسيكون هدفها إقامة حملات توعية للأهالي لمنع أطفالهم من شراء هذه المسدسات ، وستحصل هذه الجمعية على منح خارجية ودعم حكومي ومبنى فخم مستأجر من فلان إبن علان ، وقد يكون صاحب هذا المبنى هو من يستورد هذه المسدسات أصلا بل وقد يكون عضوا في هذه الجمعية أيضا ، فالموضوع مهم يتعلق " بالأتفال فلزة الأكباد " وستصرف هذه المنح على سفرات ومؤتمرات خارجية وداخلية ومياومات وفنادق خمسة نجوم وسيارة فاخرة لرئيس الجمعية بإدخال مؤقت سرعان ما نشاهدها مع إبنه الهامل !!!
وستبقى المسدسات موجودة وسيسقط أطفالنا حماهم الله ضحايا لها وسيبقى فلان إبن علان هو من يستوردها !!