كثيراً ما نقرأ عن أساليب الرّيّ المختلفة للنباتات ، فنقول هذه محاصيل مرويّة ( أي يرويها الإنسان بالسّقي الغزير أو التنقيط أو غيره من السّبل ) وتلك محاصيل بعليّة ( أي تُروى من ماء المطر فقط ) وهكذا تنبت دون تدخّل ٍبشريّ ، ويُقال أنّ هذه المحاصيل البعليّة أحجامها أقلّ من المرويّة وكمّياتها كذلك !!
ونعلم مؤخراً كم زادت الأسعار والضرائب ، وكم أُرهقت ميزانيات الأسر الأردنيّة ، ومع هذا لا يخلو موقع إخباريّ من أخبارٍ يومية كهذه ، بدءاً من انقطاع الكهرباء المتكرر في عزّ الصّيف ، فمشكلة انقطاع المياه عن معظم محافظات المملكة في عز الحرّ وفي شهر الصّيام ، ومشكلة زيادة أسعار بطاقات الهواتف الخلوية أكثر من مرة في عام واحد ، ورفع الوقود دوريّاً برغم انخفاضه عالمياً ، ثمّ مشكلة ارتفاع سعر الخيار إلى حد جنونيّ ، ثم إتباعها بمشكلة البندورة والتي قفز سعر الكيلو فيها عن سعر كيلو التفاح وكذلك معظم الخضار، وحتى أسعار غسل السيارات في المغاسل قد تم رفعها إلى الضعف تقريباً ، والتلويح بقراريْ رفع أسعار الكهرباء ( !! ) وأسعار العلف مما يعني بالضرورة رفع أسعار اللحوم أكثر بكثير مما هي عليه الآن وكذلك أسعار الدّجاج والبيض والألبان والأجبان والحليب و.. و ..
كل هذا حسنٌ لو كان مستوى الدخول يتناسب طردياً مع مستوى ارتفاع الأسعار ، وكما يبدو أنه لا نيّة لدى الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور ، وبنفس الوقت لم تتدخل في تسعير بعض السلع الهامة للمواطنين والتي لا يقدر أيّ مواطن أن يستغني عنها ، وكذلك لم تفتح باب الاستيراد من الدّول الشقيقة لبعض السّلع الأساسيّة لتساهم في خفض الأسعار الناريّة لهذه السّلع وأبسط مثال البندورة والتي لا تخلو منها أيّة مائدة أردنيّة في معظم وجباتنا !
من الضروريّ جداً أن أطالب الجميع بالصّبر على كل هذا وأدعو للاحتمال حتى يحين فرج الله تعالى ، وأن أُشجّع على الاقتصاد والتّوفير وتوجيه ميزانياتنا إلى الأهم فالمهم ، وأن نشدّ من أزر بعضنا ونتقرّب إلى الله بالاستغفار وصلة أرحامنا والإفراغ من دلوك المليء في دلو أخيك الفارغ حتى نحافظ على إنسانيّتنا وبشريّتنا ونتذكر دوماً أنّنا مسلمون وإغاثة الملهوف من أهمّ ما يوصي به ديننا .
ومع دعوتي هذه ، أتّمنى أن يتذكّر مسؤولينا الأفاضل ، أنّ مواطننا ليس ( مواطن بعل ) ينبت من ماء المطر ، بل هو بحاجة لسقاية ورعاية واهتمام وتغذية ومتابعة لطلباته ؛ حتى يكون مواطناً صالحاً لا يوجّه كل تفكيره نحو قوته اليومي وقوت عياله ، بل يفكّر كيف يُساهم في ازدهار وطنه ومجتمعه ورفعة اسمه بين الأمم والشعوب .
مواطننا ليس بعلاً ، فهو قد تأقلم مع حرمانه من اللّحوم إلا في الأضاحي والانتخابات ، وتأقلم مع حرمانه من الفاكهة التي يراها تملأ المتاجر ويغمض عيونه حتى لا يسرق منها نظرةً محرّمة ، ولكن كيف سيتأقلم مع حرمانه من الخضار وهي البديل الوحيد المتبقي ؟؟ كيف سيقضي أيّامه ممزّقاً بين التزاماته ومصاريفه المتشعبة ، وهو يرى أطفاله لا يأخذون كفايتهم من الحليب والفيتامينات ولا تنمو أجسادُهم كما يجب ويعانون من فقر الدّم وأمراض سوء التّغذية والتي يجب أن تكون في أفضل حالاتها في سنّهم المبكّر حتى يشبوا أصحّاء؟
نتمنى من جميع القائمين على مصالح المواطنين أن ينظروا بعين الرّحمة إلى المواطنين ، حتى تطيب ثمارُهم ، ويتفرّغوا لأن يُعمِلوا عقولَهم وقلوبَهم في خيرِ أمّتهم ، ولنتذكّر جميعاً قوله عليه السلام : \" كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيّته \" . ودمتم بخير.
nasamat_n@yahoo.com