(التوجيهي ..أدبي وعلمي ) كلمات تلوكها الألسن منذ عشرات السنوات وكتبت من أجلها المئات بل وآلاف من الصفحات والآراء، وكلها تبحث عن صيغة جديدة لتقييم الطلبة الذين ينتهون من مراحل التعليم ما قبل الجامعية ويستعدون للدخول إلى الجامعة..
ربما كان من الأفضل بداية أن نقوم بإلغاء هذه الكلمات \"التوجيهي ، ادبي وعلمي واي تي \" من القاموس الأردني لتصبح من الماضي ، ثم نتفق على أسماء جديدة ، لن يكون صعباً على اللغة العربية إيجادها ، وربما كان من الأفضل أن لا يكون إسمه (شهادة) بل (مستوى) ......
وبما أن الموضوع يخص الجامعات أصلاً، فيجب أن يتم هذا التقييم من قبل الجامعات وليس من قبل وزارة التربية والتعليم الحالية. ولهذا فمن الأفضل تقوية ودعم وزارة التعليم العالي ليكون بإمكانها الإضطلاع بهذه المهمة....
أما التقييم بحد ذاته فلا بد ان يعتمد على رغبة الطالب في إختيار نوعية تعليمه أو على رغبته في التغيير حتى بعد القرار . ولهذا لا بد أن تكون هناك دوائر مختلفة لتقييم الطلبة لا علاقة لها بالأدبي والعلمي السائد حالياً. فاختيار الطالب لمواد أدبية أو علمية في السنوات الثلاث الأخيرة من دراسته المدرسية يجب أن يكون إختيارياً وليس حسب مجمل العلامات ، وأن يكون الهدف هو دعم معارف الطالب في الفرع الذي يختاره ، وطلبه الالتحاق بأي كلية في المستقبل يجب أن يكون من اختياره أيضاً. أما الالتحاق الفعلي فهو ما سيخضع لتقييم مستواه وبيان مدى احقيته بالالتحاق بتلك الكلية أم لا....
ولتوضيح الفكرة ، نفترض أن طالبا ما إختار أن يركز في دراسته على المواد العلمية لأنه يرغب في دراسة الطب في الجامعه، فهذا حق له ، يدرس ثلاث سنوات مواد علمية وحياتية مركزة تسهل له دراسته الجامعية مستقبلاً.. وبعد ان ينتهي من هذه السنوات الثلاث - التي قد يكون هناك نسبة بسيطة لها في التقييم الجامعي- يتقد م لامتحان المستوى في دائرة تضم كليات محددة مثل الطب والصيدلة وطب الاسنان والطب البيطري وكليات أخرى قريبة في اختصاصاتها مثل المختبرات والتمريض وعلم النفس والأحياء... ومن أجل ذلك ليس هناك حاجة لأن يتقدم هذا الطالب الى مواد الرياضيات والحاسوب المتقدم والتاريخ والتربية الدينية والمجتمع العربي وغيرها من مواد ليس لها علاقة بدراسته التخصصية المستقبلية. أما إذا أراد دراسة الهندسة او علم الفلك او الجيولوجيا او الرياضيات او الحاسوب او مواد اخرى قريبة يتقدم إلى امتحان مستوى آخر في دائرة أخرى ليس لها علاقة بالدائرة الأولى. وهكذا نستطيع تقسيم جميع الكليات الجامعية في الاردن الى اربع او خمس دوائر ومن يتقدم إلى دائرة ما لا يستطيع دخول كليات دوائر أخرى. أي ان من يحصل على أعلى علامة في الدائرة الاولى التي تعني بالطب لا يستطيع دخول كلية الهندسة لأنها في دائرة أخرى وهناك فرق بين دماغ طالب يرغب في الهندسة عن دماغ طالب آخر يرغب في الطب. أما الحق في التقدم لهذه الدوائر فيجب ان يكون مكفولاً لجميع الطلاب بلا استثناء وبغض النظر عن كونهم درسوا مواد علمية أم أدبية .. فحتى الطالب الذي اختار بداية ان يدرس مواد ادبية ، يجب ان يستطيع لاحقاً ان يتقدم لكلية علمية ، لأن هذا الطالب قد قام بتغيير اختياره الأول وهذا ليس ممنوعاً إلا انه سيكون اكثر صعوبة عليه لأنه سيتقدم ليتم تقييمه في مواد لم يدرسها بشكل موسع في الماضي مما يجعل من امكانية حصوله على علامات مرتفعة في الدائرة العلمية ضئيلاً...
ليس هذا النظام للقبول الجامعي هو اختراع جديد ، بل هو نظام مطبق في كثير من دول العالم المتقدم وهو ما يجعل الطالب حر في تفكيره واختياره ، بل ويجعله مجبراً على التفكير الايجابي في مستقبله، لا أن يقبل بأي قبول يعطيه له القبول الموحد السائد حالياً. فهو بهذا النظام سيجعله مجبراً على اختيار كليات تتماشى مع رغبته وميوله الفعلية ، وهذا ما سيجعله مبدعاً أكثر في المستقبل وعند ممارسته لمهنته...أما الإختيارات الإجبارية والمرعبة القديمة من أدبي وعلمي وتوجيهي قديم وجديد فيجب أن تتوقف نهائيا وأن تأخذ العملية التعليمية الحداثة المطلوبة .
د . معن سعيد
Awsat55@hotmail.com