يعلم الجميع أن أعدادا كبيرة من المتقاعدين تقاعدا مبكرا قد طلبت التقاعد طواعية وذلك للإستفادة من مزايا قانون الضمان الإجتماعي القديم، أي التقاعد قبل تعديل القانون بصيغته الحالية، و أخرى قد أجبرت على ذلك من قبل مؤسساتهم التي بررت الأمر، ظاهريا، بحاجتها الى إعادة الهيكلة ، و تلك الأعداد لا تستطيع العمل إلا في حدود ضيقة وذلك وفق قوانين المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي، علما بأن معظم رواتب المتقاعدين تقاعدا مبكرا متدنية و لا تكفي إحتياجات أسرهم.
ترتكز فلسفة منع المتقاعدين تقاعدا مبكرا من العمل في المؤسسات الخاضعة للضمان الإجتماعي في الأساس على تخفيف معدلات البطالة ، و في المقابل – و هذا الذي يهمنا في هذا المقام - يُحرم الوطن من كفاءات نادرة إلتزمت بيوتها بسبب إجبارها على التقاعد من قبل المؤسسات التي إدّعت إعادة الهيكلة، و بالتالي تُحرم معظم أسر المتقاعدين من الحصول على رواتب قادرة على مواجهة الإلتزامات اليومية و خصوصا ما يتعلق بكلف تعليم الأبناء. بعبارة أخرى تحرم أعداد كبيرة من الشابات و الشباب من مواصلة تعليمها بسبب عدم وجود مصادر مالية كافية، ناهيك عن إنتقال العديد من الأسر الى طبقة دنيا الدنيا من طبقات المجتمع.
و حيث أننا نعاني من النقص الشديد في أعداد المعلمين و الإداريين في مدارسنا، و لا تستطيع الحكومة ، في الوقت الحالي، رفع رواتب العاملين في وزارة التربية و التعليم بصورة جوهرية، ملموسة و محفزة، فلماذا لا يُسمح، بصورة إستثنائية و حصرية، للمتقاعدين تقاعدا مبكرا من التقدم لوظائف وزارة التربية و التعليم لقاء مكافآت مقطوعة ، و بالتالي ننقذ الوطن من كابوس يؤرقه؟