زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - بعد ما لا يقل عن 11 سنة يعيد وزير البلاط الأردني الأسبق والناشط والداعية السياسي الإصلاحي الدكتور مروان المعشر العبارة نفسها التي قالها ولكن بمفردات مختلفة قليلاً.
عام 2016 يقر المعشر علناً بأن «نهج إدارة الدولة الحالي لا بد ان يتغير» ويتحدث عن تنمية إقتصادية وخلق وظائف في سياق تعليقه على ما حصل في مدينة ذيبان وبعض الاضطرابات بخلفية اقتصادية.
في عام 2005 سمعت «القدس العربي» مباشرة من الدكتور المعشر عندما كان أحد رجالات الإدارة قوله العلني بأن «إدارة الأمور بالطريقة القديمة في أجهزة ومؤسسات الدولة لم يعد منتجاً» مع إضافة «لا يمكنه أن يستمر ولن ينتهي بتحقيق مصالح الدولة».
المفارقة الزمنية تؤشر هنا إلى أن النهج الذي يطالب المعشر بتغييره صمد طوال الـ11 عاماً الماضية على الأقل حيث يردد الرجل بوضوح قناعته عندما كان في صدارة الإدارة والحكم ويكررها كمواطن وناشط سياسي يبحث عن أي طريقة لاختراق النهج المتكلس.
وضوح خطاب المعشر رئيس لجنة الأجندة الوطنية التي لا يعرف أحد مصيرها وفي أي رف تجلس وثيقتها اليوم لا يشكل المحطة الأهم في تقييم بعض رجال الدولة بقدر ما يعكس الصمود الملموس للنظريات الكلاسيكية المعلبة في النهج والإدارة. طبعا يحصل ذلك في بلد كالأردن لسبب ولظروف قد تكون خارجة عن إرادة الدولة والقصر الملكي والأطر المرجعية. لكن المعشر كغيره من دعاة الإصلاح والتغيير يشعر بان الحركة باتجاه «تغيير هوية الإدارة» وأولوياتها «بطيئة جداً» بل و»زاحفة» في بعض الأحيان.
بصرف النظر عن وجود وجهات نظر أخرى في المشهد الوطني تندد بتقييم المعشر وتعتبره مبالغاً فيه إلا ان وثيقة الأجندة الوطنية التي صاغتها لجنة تمثيلية وطنية برئاسة المعشر نفسه يعلوها الغبار الآن بدليل ان المعشر ابلغ «القدس العربي» مباشرة بعد عودته إلى عمان والاستقرار بها وقبل اسابيع عدة بأن «أحداً لم يسأله او يقابله او يتحدث معه عن الوثيقة الإصلاحية الأكثر أهمية او حتى عن غيرها».
مؤخراً طلب عبر وسيط سياسي من المعشر بأن «يسكت»، يبدو ان الرسالة لم تصل أو قرر السياسي المخضرم والعتيق تجاهلها في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة «لتغيير النهج» فعلياً كأولوية وطنية عند جميع المستويات الآن بما فيها المستويات البيروقراطية والمحافظة.
على نحو أو آخر يطالب سياسيون من مختلف الإتجاهات ومتعاكسون مع المعشر وما ومن يمثله بخطوات ضرورية تحت يافطة «تغير النهج» وإن كانت اللغة خارج سياق النقد.
الآراء العلنية التي تصدر حصرياً عن رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي وهو رجل دولة بارز في ملفي الإدارة الاقتصادية وقطاع الشباب ومكافحة التطرف تقترح دوماً تبديلاً منتجاً في الأولويات وإدارة إبداعية مبتكرة لتحقيق هوامش افضل في النمو الاقتصادي تعتمد أكثر على الذات ولا تراهن فقط على الدور السياسي والمساعدات وتنفق بشكل أكثر حكمة وتوقف الاستهداف الضريبي العدائي للقطاع الخاص والطارد للاستثمار.
مؤخراً شكل العاهل الملك عبدالله الثاني مجلساً خاصاً لمناقشة الملفات الاقتصادية وربطه بنفسه شخصياً في إشارة تؤسس للقول بأن القيادة المرجعية في الدولة تتفق في التشخيص مع بعض ما يقال بشأن الإدارة الاقتصادية بدليل ان مقرر المجلس أحد موظفي الديوان الملكي.
حتى في الإدارة الأمنية البيروقراطية يتحدث وزير الداخلية المحافظ ومع «القدس العربي» سلامه حماد عن الحاجة لإصلاحات هيكلية أساسية وعندما يتعلق الأمر بالاستقرار الاجتماعي ينتقد علناً رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز المبالغات والمغالطات العشائرية.
في جانب أهم وأكبر جبهات المعارضة حيث الإخوان المسلمون يقول الشيخ مراد العضايلة دوماً بأن الأجواء العامة محتقنة وتحتاج لحقنة تدفعها للاسترخاء.
معنى الكلام ان جبهات متعددة في الأردن لا علاقة تربطها بالتيار الليبرالي الذي يمثله المعشر تتحدث على نحو أو آخر عن صعوبة الاستمرار في إدارة النهج الصامد حالياً.
السؤال في عمق المفارقات للحالة الأردنية يبقى: ما دام الجميع تقريباً متفقين على تغيير النهج…لماذا لا يتغير؟
القدس العربي