من أقنعهم أن قتل مسافرين يجعلهم أقرب إلى الله؟! من قال لهم إن الاعتداء على جنود يحرسون حدود الوطن يجعلهم مع الأولياء والصديقين؟ من ملأ أدمغتهم بأن قتل محتفلين في صالة أفراح بفندق، أو تفجير بيت عزاء أو مستوصف يدخلهم الجنة مع حور العين؟ من قال لهم إن التخطيط لتفجير لمحيين ليلة القدر، ساجدين راكعين سيجعلهم في منزلة الشهداء؟
ترى من لوث عقول أولئك الشباب وأقنعهم بالقتل؟ من خدعهم؟ مع من جلسوا؟ وكيف أصبحوا ما هم عليه اليوم، وعلى من قرأوا؟ ومن هم أساتذتهم؟ وكيف استطاعوا أن يجمدوا إنسانيتهم ويروا منظر الدم باعتباره أمرا عاديا؟
ترى من لوث عقول الجيل؟ من جعل الولد يقتل أمه وأباه، ويلاحق أخاه ويصيبه؟ من وضع أولئك الملوثين فكريا أوصياء على الدين، يكفرون هذا ويفتكون بذاك، ويقررون تفجير هذا المطار والاعتداء على ذاك؟ من قال لأولئك إنهم بأفعالهم تلك يرضون الله؟ من قال لهم إن الله يرضى على من يقتل نفسا بريئة وأناسا آمنين؟ من قال لهم إن من حق شخص لا يقرأ ولا يكتب أن يحكم على الناس بالقتل، ويكفر هذا ويمنح الأمان لذاك؟
ترى لمن يقرأ أولئك التكفيريون القتلة؟ من هم أساتذتهم؟ يسمعون لمن؟ يطربون لمن؟ من يؤثر عليهم وما هي مرجعتيهم الفكرية أن وجدت لهم مرجعيات؟ ومن يدعمهم!
ألم يحن الوقت لكي نرى حولنا، نستشعر من يلوث العقول، ونتلمس كيف تلوث تلك العقول، ونعرف الكتب التي تساهم في ذلك؟ وماذا يضخ فيها من أفكار شاذة لا تمت للإسلام بأي صلة، والإسلام منها ومنهم براء؟
أولئك القتلة ومن على شاكلتهم يحاولون تشويه صورة الدين، يسعون لجعل الآخر لا يعرف حقيقة الإسلام الصحيحة، يقدمون خدمة لكل متطرف يهاجم الإسلام، وللكيان الصهيوني على وجه الخصوص، الذي يريد أن يصور للعالم أن العرب والمسلمين إرهابيون ضد الإنسانية والإسلام، فيخدمون كل متطرف أوروبي، وكل شوفيني وحاقد، يخدمون من على شاكلتهم في الغرب وفي الكيان الصهيوني الغاصب، وفي كل مكان يتواجد فيه شوفينيون متطرفون مثلهم من كل دين ومن كل ملة.
أولئك القتلة، هدفهم تشويه الإسلام وليس نصرته، يستغلون الأغرار من الجيل الناشئ، يستندون إلى الدين لإمالة أولئك الناس يذهبون بهم للقتل، يعتمدون على أعوان لهم في كل مكان لتجنيد أطفال وشباب لا يفقهون في الدين، ويرددون ما يسمعون دون دراية أو بصيرة، مثل أولئك الزائفين لا يستحضرون من الدين إلا ما يخدم أهدافهم، وأهداف مشغليهم وكفى.
أولئك لا يشبهوننا بشيء، وإنما يشبهون أنفسهم، فهم مصاصو دماء وقتلة وسفاحون، أولئك لا يشبهون ديننا في شيء أيضا، وإنما يشبهون كل متطرف وحاقد في هذا العالم، يشبهون الصهاينة المتطرفين، يشبهون القتلة في ميرمار، لا يشبهون إلا من هم على شاكلتهم، من يقتل ويدمر ويعبث بالإنسانية والأديان.
ألم يحن الوقت لمراجعة فكرية حقيقية، ألم يحن الوقت لنقول لأولئك العابثين بالدين، ومن يدعمهم ولمدارسهم الفكرية، كفاكم، فقد شوهتم الصورة، وملأتم الأفق قتلا وتدميرا، وآذيتم الإنسانية؟ كفى فقد حان الوقت لمراجعة حقيقية لكي نخرج مثل أولئك من جحور طالما سكنوا فيها، آن الوقت لكي نكشف حقيقة من يمول ويدعم، ومن يدرس، ومن ثم يرسل أطفالا وشبابا مغررا بهم للقتل، والتفجير.
آن الوقت لنقول لكل من آزر كفاكم، آن الوقت لنصحح بوصلة منحرفة سودت الأفق، وشوهت حقيقة الإسلام، والإسلام منهم براء، فأولئك المتطرفون للصهاينة وللمتطرفين الغربيين أقرب، فهم أقرب لمن ينشر صورة النبي محمد عليه السلام بشكل هزلي، لكي يهاجم الإسلام، وهم أقرب لكل من يسيء للدين الإسلامي لأنهم يتقاطعون معه في الهدف والمضمون.