زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - مرت وعبرت قصة الخلاف بين رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي ووزير داخليته سلامه حماد حول أحداث بلدة ذيبان بأقل نمط من الخسائر السياسية.
بالنسبة للوزير المخضرم حماد شكلت عودته بعد شهرين من استقالته او إقالته من حكومة الرئيس عبدالله النسور نصراً معنوياً كبيراً له لكن الترتيبات التي تبرمجت وأنهت ولو مؤقتاً أزمة بلدة ذيبان هي حصرياً تلك التي قررها الوزير حماد وليس تلك التي فكر فيها وبادر لها الرئيس الملقي.
يتردد ان الملقي ابتلع المسألة ومررها حتى لا تندلع أزمة وزارية مبكرة في فريقه الوزاري.
لكن وزراء آخرين في طاقم الملقي يلاحظون بأن زميلهم حماد أجاد فلسفة التمسك بصلاحياته المنصوص عليها دستورياً بعدما تبين بأن عودته للوزارة اصلاً لم تكن خياراً للرئيس نفسه.
في كل الأحوال لا يوجد نزاع ملموس لأن العديد من الصلاحيات سحبت اصلاً من الحكومة قبل وبعد تشكيلها وإن كانت قد ورثت تركة ثقيلة جداً خصوصاً في الملف الإقتصادي والمشكلات الأمنية الإجتماعية المعقدة وهي نفسها التركة التي أغرقتها الآن في ملف البطالة على هامش تداعيات أزمة ذيبان.
الفرصة بهذا المعنى متاحة لاستئثار وزير قوي بحجم حماد بالمساحة الوزارية التي تخصه حيث ستدخل قريباً بعض الملفات دائرة الاستحقاق.
وأهمها ملف «اللامركزية الإدارية» وهو مشروع مثير للجدل تحمس له حماد في عهد النسور ويقضي كما قال شخصياً لـ «القدس العربي» بتطوير آليات العمل الديمقراطي في الأطراف والمحافظات.
ما يخفف من معاناة واحتمالات التجاذب والصراع هو ان شركاء الوزير حماد في «اللجنة الوزارية السياسية» لديهم أعمال خاصة بعيدة ومستقلة وإن كان الملف الأهم وهو الانتخابات من الصلاحيات الحصرية للهيئة المستقلة للانتخابات التي يترأسها اليساري خالد كلالده.
الكلالده بدوره يتمدد بإسترخاء في معادلة المساحة المخصصة له ولمجلس هيئته وقد شوهد في آخر نشاطات له يزور للإطلاع والتداخل دائرتين للأحوال المدنية يتبعان وزارة الداخلية بعدما نجحت مناورة له في إلحاق وزارة الأوقاف بتعليمات إجرائية قررتها الهيئة المستقلة.
من المرجح ان تمدد كلالده وأسلوبه بعدم الاكتفاء بمراسلات لبقية الوزراء تنص على ملاحظاته واحتياجات هيئته يثيران بصمت حنق بعض الوزراء ويكرسانه كلاعب قوي جداً يناور بكل متطلباته بموجب القانون والطموح في مساحة الوزراء الآخرون وبقية مؤسسات الدولة.
لكن لا يوجد مسؤول أو وزير يريد او يستطيع تحمل كلفة اي مواجهة بيروقراطية من أي نوع مع الكلالده وفريقه خوفاً من النتائج والتداعيات وأقلها تهمة إعاقة التوجيهات الملكية بخصوص الانتخابات.
لذلك فقط تفوقت الهيئة المستقلة في أول مواجهة خلافية إجرائية بشأن الانتخابات رصدت مع الحكومة وتلك المتعلقة بترتيب مرشحي القوائم على أساس الأحرف الأبجدية بهدف مواجهة المال الأسود حسب الكلالده.
لم يتحمس الرئيس الملقي للإجراء وكذلك عارضه بعد شكاوى وصلت الحكومة وزير التنمية السياسية موسى المعايطة لكن وجهة النظر التي قررها الكلالدة هي التي انتصرت في النهاية خوفاً من أقاويل حول تدخل الحكومة في عمل الهيئة.
لاحقاً نفدت رغبة حكومية لها علاقة بآلية الترشيح النسائي بصعوبة بالغة بعد مفاوضات مع الكلالده.
لكن الملاحظ ان الفريق الوزاري يقف في حال شلل تامة وهو يواجه سعي الكلالده وفريقه للسيطرة التامة على كل صغيرة وكبيرة لها علاقة بملف الإنتخابات لأن الكلالده وهو أحدث النجوم في تركيبة النخبة الحاكمة بنكهة يسارية لديه طموح بفرض بصماته فقط على كل التفاصيل.
المحصلة تؤشر إلى ان «المطبخ السياسي» الإجرائي متشتت وغير موجود بصورة موحدة في عهد حكومة الملقي في تأشير نادر على وضع غامض قد يقود في المجال الإنتخابي تحديداً للمزيد من الخلافات التي يمكنها ان تتطور لتجاذبات مستقبلاً.
طريقة الكلالده في العمل لا تعجب الكثير من المسؤولين والوزراء لكن هؤلاء ليسوا بصدد المجازفة بخلاف علني أو ملموس يمكن ان تلتقطه الصحافة.
المسائل السيادية والأساسية والكبرى لا تطهى على نار الحكومة بل في مجلس السياسات المركزي الذي يتواجد فيه دوماً وزيرا الداخلية والخارجية.
وهو وضع يجعل الحكومة «متلقية» للتوجيهات والتعليمات من ثلاث مؤسسات خارجها عملياً هي إضافة لمجلس السياسات الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات والمجلس الاقتصادي الجديد الذي تشكل بمبادرة ملكية والذي لا يريح في العمل الرجل الثاني في الوزارة ورئيس طاقمها الإقتصادي الدكتور جواد عناني.
القدس العربي