الله يمسيكم بالخير يا قرايبنا ...
الانتخابات على الأبواب والمرشحين شادّين حيلهم ومتعبين حالهم والأعصاب مشدود عالآخر عند الجمهور كلهم ... روقوا يا جماعة الشغلة كلها مش مستاهله ... وعلى شان اللي دمّه غليان يروق ويهدي أعصابه ، خليني أحكيلكوا مين هو أبو \"جعرّان\" حسب ما بعرفه ومن ذاكرة قديمة شوي ...
زمان يا جماعة الخير كان هناك صراصير كثيرة تعيش بيننا ، منها مثلاً : صرصور الحصادين أو الحصيدة ، هذا كان يظهر بموسم الحصيدة ويقول للناس مبروك عليكم يا فلاحين ، الدنيا غلال ، البعض كان يفهم عليه ، والبعض الآخر كان \"يفعصه\" إذا حال عليه لأنه مزعوج من صوته، فلينظر كل حصّادٍ كم \"حرجة\" علقها برقبته وكم قتل من هذه الصراصير، رغم إنه هالصرصور المسكين كان بصوته يحكيلنا \"مبروك الغلة\" ولو أكل منها شو بده يوكل هالمسكين ؟ فهو لا بطن ولا ظهر اله ... بس يالله ، الله يسامح الفلاح المعصب اللي ما كان يطيق الذبانه تهدي على \"خشمه\" كان \"يفعصه\" بدون رحمة.
صرصرو ثاني على سبيل المثال لا الحصر، كان اسمه صرصور المطبخ ، هذا الصرصور لا يؤذي أبداً لكنه مقرف والله لا يورجيكوا منظره وهو يمشي على السكرات والطحينات والعجينات والعجوات والقمحات ... كنا أيامها نقرف عيشتنا ونكبهن كلهن وهنه حيلتنا ... كنا نكرهه وما نقدر نتعايش معه أبداً ، وكانت المشكلة لو سممناه بنسمم مونة البيت لأنه معشعش بكل علبة فيها شيء من المونة ، فكان الحل الأسهل القاء كل المونة بالمحرقة \"قبل ما يكون فيه مكبات \"زبالة\" رسمية \" يا ترى البلديات بتعتني بهيك شي هالإيام\" ؟
المهم كانت صرصورة من هالصراصير تتخبى بجحر وما ناخذها عالمحرقة ، شو نهدم الدار على شان نطلعها؟، ومثل ما بتعرفوا أهل البيت مو فاضيين يدوروا بالجحور وما أكثرها ، فكانت تبيض وتفرخ من جديد ، وما كان فيه حل أبداً ، فصرنا مع الزمن نعتبر صراصير المطبخ من العيلة ويمكن تدخل بالتعداد السكاني كمان. يعني لما كانوا يعدوا النفوس كان رب الأسرة يقول للإحصاءات \"عندي عشرة اولاد ومئة صرصور في المطبخ\" ... وصار مع كل ولد بنولدوا عشر صراصير ... مبروك على الاحصاءات ودقة الاحصاء في بلادنا ...
شو بدكوا بالسره ، الصراصير كثيرة، منها الطزيز وصرصور الليل والكثير غيرهن ، لكن فيه كان صرصور بنسميه \"أبو جعران\" ، عدد هذا النوع مش كثير، أبو جعران كان ثقيل دم ، مؤذي بصوته لما بصرخ \"ععععععععععععععععععع\" طبعاً اللي بده يمثلها يعملها على طريقته ويمد بعد العين ... مثل .....
هذا الصرصور لأنه ما كان حدا ينتبهله ، كان يطلع هيك صوت ليقول للناس اللي حوله ... ترى أنا موجود ... عايش .... حتى لو العدد قليل بس عايشين ... اسمعوا صوتي هيني بغنيلكم .. بهتفلكم ...\" ععععععععععععععععععع........
الناس كانوا يختلفوا ، يا ترى \"نفعصه\" والا نتركه ... لأنه ما ظلش منه كثير وصوته ممكن بعد شوي بختفي ...
الناس اختلفوا فيما بينهم ، \"يفعصوا أبو جعرّان\" والا يتركوه ... ظل الناس مختلفين ... اقتتلوا و وكسروا عظام بعضهم البعض... تقطعت الأوصال والأرحام ... وأبو جعرّان يمارس هوايته .... \"ععععععععععععععع\" ....
حينما يأتينا \"فتّان\" أكل عليه الدهر وشرب ، يفتن الناس ويعكر صفوهم ، ثم يحتمي وراء هشاشة عظامه وكبر سنّه بحجة احترام الكبير ، فيعمل بين الشباب الأبرياء مكره ، لا أعتقد أن مثل هذا يستحق الاحترام .
كنا حينما نلتقي كبارنا نقبل أيديهم ونضعها على الجبين احتراماً وتقديراً ، كنّا نعانقهم ونشتم رائحتهم العطرة بما فيها من ماض كريم مشرف لهم . لقد كانوا يسيرون بالاصلاح بين الناس ، ويسخرون طاقاتهم من أجل تربية أجيال على حب الخير ، فهل مات كل هؤلاء الطيبين ليتململ أبو \"جعرّان\" ويعلن على الملأ \" ععععععع\" ليقول لهم أنا هنا؟
يا ترى متى سنمضي في حياتنا دون الالتفات إلى \"أبو جعرّان\" ...؟ يا ريت ألاقي جواب عند الشباب ... وما تآخذوني جاوبوني كلكم، \"من كل الأفخاذ\" ، الله يرحم أيام ما كنا نستهجن مصطلح \"المنابت والأصول\" ... ودمتم ...