لا بد لنا من قراءة التاريخ والجغرافيا في آن معا بطريقة سليمة، وأنا في هذا المقام لست من المنظرين حتى أدلي بما يجب أن يكون أو بما كان أن يتوجب، فالظروف السياسية والقوى الإستعمارية كان لها الدور الفيصل في ذلك. الآن وبعد مرور فترة طويلة على نيل الدول العربية إستقلالها كان لا بد لمفكريها وحكامها وأصحاب القرار فيها أن يضعوا المصلحة العربية في المقام الأول وفوق أي إعتبار. إن ما كتب في ذلك الشيء الكثير وكان خلاصته في حده الأدنى إن لم نكن قادرين أن نكون موحدين تحت راية واحدة فلنعمل على المطالبة أن ينضوي الشعب العربي تحت اربع صيغ أوأشكال من الإتحاد متوافقة ومنسجمة كثيرا مع الواقع بكل أبعاده ومع التاريخ والجغرافيا بطريقة واضحة لا لبس فيها وكتب حولها كثيرٌ من المفكرين وهي" الهلال الخصيب-الجزيرة العربية-وادي النيل-المغرب العربي"، أما آن لحكامنا أصحاب القرار أن يفكروا في ذلك وهم ألأقدر على ذلك ويحققون ما تصبوا إليه شعوبهم خدمة لهم ولمواطنيهم على حد سواء. حتى تبدأ الخطوة الأُولى لا بد من بل نحن بحاجةَ إلى إعادة تقييم للوضع في كل دولة على حدة أولاً ثم بشكل مجتمع لاحقا وذلك لدراسة الأوضاع عامة والخيارات المتاحة والتوصية بأفضل الحلول وأن تكون التوصية ملزمة لإنها المخرج الأسلم لتستعيد الدولة عافيتها وألقها وديمومتها من جميع النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية ولتأخذ الأمة مجدها وتستعيد دورها الحضاري ويكون لها مكانة بين الأمم.أما نحن هنا في الأردن أرض الحشد والرباط حري بنا أن نبدأ الخطوات الجريئة وأن نجري تقييما للأوضاع العامة ونضع النقاط على الحروف لنكون الرواد في هذا المجال ولكي نخدم مواطنينا ونشكل النواة الأولى في السير على هذا الدرب ، وإذا ما نظرنا بعين فاحصة لأوضاعنا لوجدنا أننا في كثير من الأمور في مصاف الدول الراقية والحديثة في مجالات متعددة لا نقول ذلك كي نلقى منفعة أو نبحث عن دور لكنها الحقيقة لمن سافر واطلع على ما تقدمه الدول من خدمات لرعاياها…لكننا من جانب أخر نجد أن كثيرا من السوء يعتور مسيرتنا ولا بد من التصحيح والتوجيه والمحاسبة والرقابة وان يشعر كل منا بالإنتماء وأن نبدأ بأنفسنا لنكون في مصاف الشعوب الحضارية بالتعامل مع بعضنا ومع وطننا ، إن في الجعبة كثير حول ذلك لكن عودة إلى المناخ السياسي الذي نعيش فإننا بحاجة ماسة الى التركيز على نقطتين رئيسيتين في هذا المجال : أُولاهما الإنتخابات النيابية وثانيهما المفاوضات الجارية للحل السلمي للصراع. ففي الجانب الأول وبإختصار نرى أن المقاطعين للإنتخابات كثر وأن الثقة في موضوع النزاهة والشفافية مهزوزة وهي في موضع شك، وأن الشيطان يتمثل في القانون الذي ستجري بموجبه الإنتخابات لأنه يكاد يكون شبه إجماع على أنه ليس الأفضل وبإقراره على هذا النحو موادا ومحتوى كان سببا فيما يجري وصدمة للشارع لإنه لا يلبي الآمال التي كان معقودا عليها بإن يكون قانون عصري وديموقراطي يتلائم مع متطلبات العصر أضف الى ذلك القناعة الراسخة بأنه سيفرز نوابا على شاكلة المجلس المنحل لابل عودة لأغلب أعضاء المجلس السابق. لهذه الأسباب وغيرها فإن المطالبة بالتأجيل هي الأسلم ولا ضير في أن يتخذ صاحب القرار حفظه الله ورعاه قرارا بذلك لإن إجراء الإنتخابات في ظل هذه الظروف والمعطيات وخاصة ما يجري في جانب التسوية السلمية أمراً في غاية الخطورة على الوطن بشكل عام لإنه سيفرز نوابا ليس لديهم القدرة على رؤية مصالح الوطن والمصادقة على قرارات تخدم الوطن والأمة وللخروج من هذا المأزق فلا بد لقرار التأجيل من أن يتبعه قرارا بتشكيل مجلس إستشاري مكون من مختلف أطياف اللون السياسي بمشاركة الأحزاب والنقابات والمستقلين من أصحاب الفكر والرؤية والتوجه الوطني سواء من المعارضة أو الموالاه على حد سواء وذلك لترتيب أوضاع البيت الاردني وليكن هاديهم توجهات جلالة الملك وما تم التوافق عليه من أجندة وطنية أو ميثاق وطني وبذلك يمكن إفراز قانون إنتخاب جديد يلبي الطموحات والآمال وسنحملهم المسؤولية أمام التاريخ لما يجري من ترتيبات نتيجة لعملية التفاوض السلمية الجارية بما يتم وزنه من ناحية سياسية ويعود بالمنفعة لمصلحة الأمة والوطن وخارج إطار الترتيبات الدولية والإقليمية . بقي أن أُنوه وهذا ثانيا الى ان اكثر الدول إستفادة من التسوية السلمية هو نحن هنا في الاردن وذلك إذا ما تم أخذ خياراتنا ورؤيتنا في الحسبان وعلى العكس فإن أكثر الدول تضررا هو الاردن إذا ما أغلق خيار السلام.