زرّ البندورة ذو اللون الأحمر له في وجدان الفقراء والطفارى مكانة ما بعدها مكانة؛ فهو الذي يَتَسَيّدُ صحن الإفطار والغداء والعشاء، كما أنه لايغيب عن سحورهم في رمضان الفضيل. وقد تفنن هؤلاء الطفارى في التعامل معه؛ فهم (يَفْغمونه ) فَغَمًا، أو يقطعونه إلى أربع قطع متساوية، أو إرْبا إرْبا إلى قطع أصغر مع فحل بصل أزرق اللون، مضيفين بعض قطرات من زيت الزيتون، وشيئا من الملح لعمل صحن (زَلَطَة). أما قلاّية البندورة، فإن التواصل معها مقطوع منذ أمد بعيد؛ والسبب في ذلك اشتراطها وجود (هِبْرة) من لحم، أو قطعة من( لِيّة) وكلاهما عزيز على النفس، ثقيل على الجيب. ولكن إن صدف وجود هذه القلاية في يوم غفلة من الزمن، فسيُضاف هذا اليوم إلى التاريخين الهجري والميلادي. وسيكون هذا اليوم المشهود علامة بارزة تقْرَنُ به الأحداث السالفة. أو أنه سيأخذ بندا رئيسا في السي في.
لقد وعينا على الدنيا وزر البندورة أمام ناظرينا؛ به نباهي الأمم، وفيه نقرض الشعر المقفى وغير المقفى. وبه نعبر عن حبنا وهيامنا في عيد الفلنتاين. أيام ما كانت البندورة بندورة؛ بندورة رحابا، وبطيخ الطيبة، وحروش دير السعنة، وفقوس سموع.
ألا تذكرون ياأترابي كيف كنا نغني للعريس ونحن نَزُفُّه في الشارع الوحيد الذي يفصل القرية إلى حارتين؛ شرقية وغربية!
تْلولحي يادالية يَمّ قطوف العالية
تْلولحي ماقدر اطول تْلولحي عُرضين وطول
إحمر يازرّ البندورة عشان ................الغندورة
إخضر يازرّ البامية عشان ...............الغالية
ولكن دون أن ننسى سويد الوجه بابا غنوج ، فعندما تصل الزفة إلى الحارة المناوئة، أو أمام منزل أحد الأعداء، فإن الحناجر يُبَحّ صوتها من شدة الحماس ، فتصيح مجموعة رقم(1) بأعلى صوتها:
ازرع واقلع بيتنجان
فترد عليها المجموعة رقم(2) الأخرى:
يلعن راس ابو الزعلان
ويرافق ذلك مْجاحرة بالعيون، وتبريم للشوارب، ومماحجة مابعدها مماحجة.
وزغرتي يزريفة!
الخيار ملعون حريشة أبى واستكبر، فلم يرضخ لتوسلات الحكومة التي عقدت أكثر من جلسة للسيطرة عليه في رمضان، وبقي واثق الخطوة يمشي كالطاووس؛ لم يُطأطأ له رأسٌ، ولم تنحن له هامة. وْطِلِعْ من رمضان شَرْد مَرْد. الزيتون يُصَدّرُ إلى الكيان الصهيوني كل سنة على الرغم من أنه أحد أركان المطبخ،وصحن رصيعه يشبه سرفيس الشوارع الرئيسة (رايح جاي) من الثلاجة إلى المائدة وبالعكس. وزيته أحد المكونات الأساسية لصحن( ازّلطة) وفي رواية أخرى (السّلطة) بفتح حرف السين لابضمه.
لقد تعود المواطن الأردني على شعار مقدس رغم أنفه هو( بلا منّه) ، رفعه منذ أن تعرف إلى البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي، والخصخصة، والعولمة، وشطب وزارة التموين، ووووإلخ حيث يَرفع هذا الشعار كلما ارتفع سعر حاجية ما؛ فعندما يسمع عن ارتفاع سعر القهوة مثلا، فإنه يبادر بالقول: بلا منها. ارتفع سعر النزين، بلا منّه. و... بلا منه. و ... بلا منه، و .... بلا منه. ولكن أن يصل الأمر إلى زر البندورة فهذا فوق الاحتمال. ولا يستطيع القول هنا: بلا منّه؛ فزر البندورة هو البقية الباقية، الخيار بلا منّه، والزيتون بلا منّه، والبصل بلا منّه، والفجل بلا منّه، والهوا بلا منّه.
وزغرتي يزريفة