نشرت وسائل الاعلام الاردنية دراسة محلية كشفت أن (74%) من نساء محافظة اربد لم يحصلن على حقوقهن من الميراث كاملة، منهن (15%) فقط تنازلن عن حقهن طواعية وبنسب متساوية في مختلف مراكز ألوية وأرياف المحافظة وهي مؤشر خطير يدل على الاعتداء الصارخ على حقوق المرأة التي قررها الشرع والدين الحنيف.
ان ظاهرة حرمان المرأة من الميراث، هي ظاهرة منتشرة في مجتمعنا بشكل كبير، وهي تدل على المجتمعات التي ما تزال تنظر إلى المرأة نظرة \"دونية\"،والتي تتعرض المرأة بسببها إلى كثير من الظلم فيما يتعلق بميراثها، إذ يتم استغلالها وإجبارها على التنازل عن حقها في الميراث، بطرق مختلفة وبخاصة إذا كانت من فئة غير المتعلمات. حرمان الإناث من الميراث هو بمثابة وأد جديد بلا شك، واستمرارا لما كان رجال الجاهلية يفعلونه معها مما جعلها جزء من الميراث.
الميراث هو في الأصل حق وليس صدقة، وقد أكدته جميع الأديان والشرائع، وما يجري من حرمان للمرأة من ميراث زوجها أو أبيها، ليس من الديانات في شيء، بل هو من الأعراف الفاسدة والبالية في بعض المجتمعات التي ما زال أهلها يتمسكون بتقاليد يعتبرونها قانوناً وشرعاً لا ينبغي تجاوزه أو خرقه، فالمرأة عندهم لا ترث لمجرد أنها امرأة \"مكسورة الجناح\"، لا تحتاج المال -بنظرهم- ما دامت في كنف الرجل: أبوها، زوجها، أبنها،.. إلخ. وكذلك رغبة من العائلة في الاحتفاظ بالإرث ضمن العائلة الواحدة، حيث يرى البعض أن توريث المرأة وخصوصاً إذا كان الميراث قطعة أرض، سيمنح الحق لأفراد من عائلة أخرى إذا كان الزوج غريبا، لمشاركتهم في الميراث، مما يؤدي إلى تفتيت تلك الأرض، ولهذا فإنهم يحرصون على عدم توريث المرأة، ويجبرونها كراهة على التنازل عن حقها الذي فرضه الله لها، مستخدمين في ذلك طرقاً مختلفة، وإذا ما رفضت المرأة التنازل، في حالات نادرة، وطالبت بحقوقها وحصلت عليها، فإن ذكور العائلة ينظرون لها كعدوة، فيما ينظر لها المجتمع على أنها خارجة عن الأعراف، وأنها ارتكبت عاراً يستعملونه للتشهير بها، مما يعرضها لأنواع من العنف قد يمارس ضدها.
أن الشريعة الإسلامية لم تفرق بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات، حيث جاءت تكريما للإنسان كإنسان وليست للرجل دون المرأة، فبالإسلام يتساوى الرجل والمرأة من حيث التكليف والجزاء، فالمرأة تدخل الجنة جزاءً على أعمالها الصالحة، والرجل يدخل النار إن قصّر في أداء واجباته الرئيسية تجاه الله، لذلك نجد أن الثواب أو العقاب ليس مخصوصا به الرجل دون المرأة في الإسلام مصداقا لقوله تعالى: “ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا”، وهنا تأكيد على أن الجزاء في الآخرة واحد للجنسين لا تمييز بينهما. قال تعالى: “فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض”.
للأسف الشديد فإن حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة من المشكلات المنتشرة في مجتمعنا وكثيرا ما يترتب على ذلك الحرمان مآسٍ من ظلم وقهر وأكل أموال الناس بالباطل، وإن حرمان النساء من الميراث من مخلفات الجاهلية التي هدمها الإسلام حيث كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان، وكان أكبر الأولاد هو الذي يأخذ جميع الميراث وكانوا يقولون: “لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وطاعن بالرمح وضارب بالسيف وحاز الغنيمة”.
وهذه جاهلية جهلاء حاربها الإسلام وأعطى المرأة نصيبها من الميراث رغم قول الله تعالى: “لِلرجَالِ نَصِيبٌ مِما تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِما تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِما قَل مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا”.
فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء قليلا كان ذلك أو كثيرا، فالمرأة سواء كانت أما أو زوجة أو أختا أو بنتا فلها نصيبها من الميراث وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منة أو تفضلا من أحد، فلا يجوز لأحد أن يحرمها من نصيبها الذي قرره الشرع الحنيف.
إن كل من يحرم امرأة من نصيبها بأية وسيلة كانت كالتهديد والوعيد بإجبارها على التنازل عن ميراثها أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس “إرضاء الأخوات” زورا وبهتانا فهو آثم ومعطل لحكم الله في هذه القضية ومتعدٍ على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وآكل لأموال الناس بالباطل، ولهذا فلا مناص من صدور قانون يعاقب مثل هؤلاء طالما لم يرتدعوا من تلقاء أنفسهم.
وبالتالي فان هناك حاجة لتشريع قانوني يجرّم أفعال الجاهلية الحديثة الصادرة عمن تحركهم الأهواء الشخصية ويعتدون على حدود الله تعالى، وسوف يعاقبهم الله في الآخرة عذابا أليما لأنه سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: “ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين”، أما في الدنيا فيجوز لولي الأمر تعزيره بأشد العقوبات، ومنها السجن والغرامة وغيرهما من ألوان العقوبات التي تردعه عن تعديه على حدود الله تعالى: “ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه”.
ان احترام المرأة وصون كرامتها واعطائها حقوقها الواردة في الشريعة الاسلامية والشرائع الدينية هو اكبر دليل على التطور والتقدم والرقي والحرية والانفتاح الذي يتباهى بة الرجل والمجتمعات العربية والاسلامية وعلى المرأة ان لاتقف موقف المتفرج وان لا يكون دورها سلبيا في المطالبة بحقوقها المكفولة والمشروعة حتى لو استخدمت كافة الوسائل القانونية والشرعية وان من لايطبق حق الله ومبادى الشريعة الاسلامية من اعطاء المرأة والاخت والابنة والام حقوقها الواردة غير جدير ان يتم الخجل منه او التنازل لة باي شكل من الاشكال عن ميراث وحقوق المرأة .