كان مساء الجمعة 15 يوليو/تموز 2016 مساء كئيبا، وذلك عندما فوجئ العالم بوسائل الإعلام تنقل إليه في وقت متأخر نبأ محاولة انقلاب عسكري من فصيل صغير في تركيا، وذلك ضد نظام حكم الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، وكأن أردوغان الذي يحاول النهوض ببلاده ويحاول حلحلة مشاكل المنطقة لا يكفيه ما يحمله من هموم جراء الحروب والأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط منذ سنوات، وجراء عدم إخلاص الغرب والناتو والولايات المتحدة في الوقوف معه.
بعض المحللين يرى أن عملية إسقاط الطائرة الروسية التي اخترقت الأجواء التركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ربما يكون عملية متعمدة من جانب بعض الجهات في الجيش التركي بهدف إثارة البلبلة وخلق المشاكل لأردوغان، وإنه من هنا قام الرئيس التركي بالاعتذار مؤخرا من روسيا بعد أن أدرك اللعبة الداخلية الخطيرة.
فلقد أعلنت تركيا نهاية العام الماضي أن سلاحها الجوي أسقط مقاتلة روسية من طراز سوخوي 24 انتهكت أجواءها رغم إنذارات متتالية، وسط أنباء عن أسر أحد الطيارين الروسيين اللذين تمكنا من الهبوط في ريف اللاذقية حيث سقطت الطائرة.
وقال الجيش التركي إنه أنذر المقاتلة الروسية عشر مرات خلال خمس دقائق قبل إسقاطها، وأوضحت رئاسة الأركان أن مقاتلتين تركيتين من طراز "أف16" أسقطتا المقاتلة.
وذلك وسط اتهامات ضد قائد القوات الجوية التركية السابق آكين أوزتورك بأنه قد يكون زعيم الانقلابيين، وهو الذي ترأس سلاح الجو التركي في الفترة بين 2013 و2015 وكان يجب عليه أن يستقيل في 30 أغسطس/آب المقبل.
وتقول التحليلات إن أوزتورك بعد أن عرف باستقالته المقبلة وبتحضير اجتماع المجلس العسكري في تركيا، حيث كان من المفترض مناقشة علاقاته مع رجل الدين المعارض فتح الله غولن الذي يقيم في ولاية بنسلفينا بالولايات المتحدة، فقد يكون أوزتورك هو الذي اتخذ قرارا بتنظيم هذا الانقلاب العسكري الفاشل.
وتشير بعض التقارير إلى أن السلطات التركية تجري منذ نحو عام تحقيقا بشأن إمكانية قيام الجنرال أوزتور بتدبير انقلاب عسكري ضد السلطات التركية الشرعية الحالية.
وبينما يتهم الغرب الزعيم أردوغان بالتضييق على المعارضة وعلى وسائل الإعلام وحرية التعبير، فإنها تشير إلى أن أردوغان نفسه اضطر إلى استخدام تطبيق "فيس تايم" على هاتفه المحمول، وذلك لحث الشعب التركي للخروج إلى الشوارع والساحات والميادين ولمواجهة العسكريين الانقلابيين الذين قصفوا مبنى البرلمان واستولوا على مباني التلفزيون الرسمي ومحطات التلفزيون الخاصة.
وسرعان ما هب الشعب التركي العظيم لتلبية نداء قائده وللدفاع عن الديمقراطية التي صنعها بيده، متمثلة في حكومة مدنية منتخبة بزعامة أردوغان. ولد شاهد الناس حول العالم كيف تصدى أبناء الشعب التركي البواسل بصدورهم العارية للدبابات التي يقودها الانقلابيون، فأوقفوا زحفها وتقدمها، وقاموا بالتسبب في أسر الجنود الانقلابيين واعتقالهم.
ومن باب الأمانة التارخية، فيُذكر أن قائدي الدبابات الانقلابيين لم يقوموا بدهس المتظاهرين بجنازير دباباتهم كما فعلت بعض الجيوش الأخرى، العربية على سبيل المثال.
ويتهم أردوغان أنصار المعارض الإسلامي الذي يعتقد أنه مناوئ له وهو فتح الله غولن الذي يقيم في بنسلفينا بأميركا بالوقوف وراء تدبير هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة.
يشار إلى أن أحرار العالم على المستوى الشعبي تأثرت بنبأ الانقلاب وتفاعلت معه، وأن الشعوب العربية ومن بينها الشعب الأردني سهر تلك الليلة داعيا المولى أن تنجو تركيا الشقيقة من كل أذى، وتنطبق هذه الحال على أهالي محافظة عجلون أيضا في المملكة الأردنية الهاشمية الذين كفوا عن الحديث بموضوع الانتخابات البرلمانية الذي يشكل محور حديث الساعة، وظلوا يتابعون الأنباء حتى الصباح، وذلك حتى اطمأنوا على استقرار الأوضاع في تركيا حبيبة الشعوب الحرة الأبية.
ولقد أثبت الشعب التركي العظيم مدى شجاعته واستبساله في الوقوف أمام دبابات الانقلابيين، والذين لم يتوانوا عن قصف مبنى البرلمان ومواقع أخرى في البلاد. مما يشير بأصابع الاتهام إلى كونه انقلاب عسكري بري وجوي.
بقي القول، هنيئا للزعيم رجب طيب أردوغان بهذا الشعب التركي العظيم، وهنيئا لهذا الشعب التركي الباسل بهذا الزعيم القائد الذي شاهد الجميع دموعه وهو يبكى عندما شاهد هو أبناء شعبه يوقفون دبابات الانقلابيين بصدورهم العارية، وعندما شاهدهم وهم يخرجون مهللين مكبرين في كل أنحاء تركيا إلى أن أصبح الصباح، واندحر الانقلابيون إلى غير رجعة.