تجري الاستعدادات للانتخابات النيابية من قبل الحكومة والناس تمهيداً لإجرائها في الموعد المحدد, صبيحة التاسع من تشرين الثاني (2010م), وبانتظار ذلك اليوم... وجب علينا أن نذكر العباد, ناخبين ومرشحين أن النيابة عن الأمة والناس مسؤولية وأمانة عظيمة, مسئول عنها أمام الله \"الناخب\" الذي صوَّت واختار, و \"النائب\" الذي تم اختياره وفاز, فجلس تحت قبة البرلمان.
إن ديننا الحنيف, حثنا على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب, وعلى إسناد المنصب لمن هو خبير به, أميناً عليه, فعندما تُسند المناصب والمهمات والأعمال إلى أهل الخبرة في الأمة, القادرين على أدائها, والقيام عليها حق القيام بأمانة وإخلاص, يتحقق للأمة الخير والتقدم, وتنمو حضارياً واقتصادياً واجتماعياً, وتزدهر عمرانياً, ويتقدم ركبها في الحياة وتأخذ مكانتها الرفيعة المرموقة بين الأمم.
ومن هنا ونحن نستعدُ لاختيار من يمثلنا و ينوب عنا \"تحت قبة البرلمان\", يجب علينا أن نكون حريصين كل الحرص على تأدية واجب \"الأمانة\" في الاختيار نحو وطننا وأمتنا… فالناخب الذي كفل له الدستور والقانون حرية اختيار من ينوب عنه ويمثله في السلطة التشريعية, عليه أن يعلم ويعي أن صوته ورأيه فيمن يختار لهذا المنصب \"أمانة\" وإن رب العزة جل شأنه يأمرنا بأدائها حيث قال: (إنَّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نِعِمَّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً).
فأمانة الاختيار لهذا المنصب الحساس, تلزمنا أن نختار من هو أهل له, مؤمناً بالله محباً لرسوله الكريم, مخلصاً لوطنه ومليكه, وفياً لامته حارساً قوياً وأميناً على مصالح الوطن والناس.
فهاهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, يحذرنا من الوقوع في الإثم عند اختيار ومبايعة الإمام, إذا كان مبنياً على مصلحة أو منفعة دنيوية وشخصية, فاعتبر عليه الصلاة والسلام, من كانت هذه غايته من الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم, حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم...) ومنهم كما جاء في الحديث الشريف (رجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا, فإن أعطاه منها رضي, وإن لم يعطه منها سخط).
ومن وحي هذا التوجيه النبوي الشريف:
ليكن اختيارك – أيها الناخب – اختيار شهادة الحق بحق الوطن لا شهادة الزور عليه, - فو الله – إنه لوزر كبير وإثم عظيم يعدل شهادة الزور أن نختار عن قصد من هو غير قادر على القيام بواجبات النيابة بأمانة, قال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور), وقال أيضاً: (يأيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).
وعلى هذا لا بد من القول لمن يرغب بالترشح لعضوية مجلس النواب: أن النيابة هي ولاية عن الأمة والناس والولاية أمانة لا يجوز أن يتصدى لها من كان ضعيفاً غير قادر على حمل أعبائها والقيام بوظائفها, ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة, عندما رفض, إسناد منصب الولاية لأبي ذر رضي الله عنه مع دينه وفقهه وأمانته, لأنه ارتأى عليه الصلاة والسلام أن أبا ذر لا خبرة له في هذا المجال وأن فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية,,, ففي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه فيما رواه عنه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا أبا ذر, إنك ضعيف, وإنها أمانة \"أي الولاية\" وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها, وأدى الذي عليه فيها). فهذا الحديث الشريف وهذا التوجيه النبوي الرشيد, أصل عظيم في اجتناب الولاية وأي منصب فيه أمانة المسؤولية لمن لا يستطيع القيام بواجباتها, وإن الخزي والندامة ستكون يوم القيامة بحق من لم يكن أهلاً لها أو كان كذلك ولم يعدل فيها, فيخزيه الله تعالى ويفضحه ويندم على ما فرط به, وكفى بهذا موعظةً لي ولكم يا أولي الألباب.
ومن هذا وعليه, فليكن يوم التاسع من تشرين الثاني يوم استجابة لنداء الله والرسول والدين والوطن والأمة وجلالة الملك, باختيارنا الأفضل ديناً وخلقاً وثقافةً واستقامةً ونزاهةً وشجاعةً وانتماءً وأمانة, حتى نكون إن شاء الله من الفائزين برضاه ورضا الرسول ورضا الضمير ورضا الوطن والأمة, ونكون عند حسن ظن صاحب الجلالة الملك بنا.
Email: moeenalmarashdeh@yahoo.com