لقد وقف الشعب التركي بكافة أطيافه السياسية العلمانية اليسارية ، الليبرالية والاسلاميه في وجه محاولة الانقلاب الفاشلة لحماية الديمقراطية والدستور ، موقف يسجل للشعب التركي ، فليس من المعقول للشعوب التي عاشت التجربة الديمقراطية الحقيقية ونعمت بالحرية والرخاء والعدالة والمساواة أن تقبل أن يحكمها العسكر وتعود إلى حكم الاستبداد والتسلط من جديد .
حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان حقق الكثير للشعب التركي ونال ثقته ومباركته ولهذا خرجت الملايين للميادين تلبية لدعوته ، ولهذا فشل الانقلاب وكان التحرك سريعا للقبض على الانقلابيين تمهيدا لمحاكمتهم .
الاعتقالات طالت الكثير وصلت الى الآلاف من العسكر وهذا مبرر ، لكن ان تتوسع دائرة الاعتقالات لتنال المؤسسات التعليمية والجامعات الرسمية وإعلاميين وقضاة تحت تهمة الانتماء لجماعة " الخدمة" التي يقودها الداعية فتح الله كولن ذلك يثير عدة تساؤلات .
كثير من المراقبين يتساءلون عن مبرر إعلان حالة الطوارئ من قبل البرلمان التركي ولمدة ثلاثة اشهر في ظل غياب المبررات الحقيقية لإعلان ذلك ، حيث أن الأوضاع الأمنية أصبحت مستقرة ولا خطر على تركيا من محاولة انقلاب جديد ، وحالة الطوارئ يترتب عليها تعطيل الدستور الحالي بشكل جزئي ويعطي الحكومة صلاحيات تنفيذية واسعة النطاق لا تحتاج لغطاء تشريعي وتطلق يد الأجهزة التنفيذية بإعطائها صلاحيات مطلقه .
تصريح ارودغان الأخير عزمه على إعادة هيكلة للجيش بعد الموافقة على قانون الطوارئ و “ضخ دماء جديدة في المؤسسة العسكرية” وقوله "سنواصل تطهير كل مؤسسات الدولة من الفيروس، وهذا الفيروس مثل السرطان انتشر في الدولة برمتها" يثير الشكوك والريبة لدى المعارضة التركية في أن اردوغان يسعى إلى تحقيق طموحه السياسي بالسيطرة على كافة مؤسسات الدولة ( العسكرية ، الامنية ،القضائية ، التعليمية ، الاقتصادية والاعلاميه " من خلال إقصاء خصومه السياسيين والمعارضين وضخ الموالين لحزب العدالة والتنمية .
بدأت أصوات قليله في داخل تركيا تشير إلى نية اردوغان لتنفيذ خطة تقضي بان يكون حزبه الحاكم هو المتحكم في كافة مفاصل الدولة ، ومن أن تتحول تركيا من دولة تعدد الأحزاب الى حكم الحزب الواحد ، ومن تركيا الديمقراطية إلى تركيا الشمولية.
نتمنى أن يقرا السيد اوردوغان وحزب العدالة والتنمية مخاوف المعارضة , وان يسعى إلى طمأنتها من خلال مشاركة المعارضة والتشارك معهم في التعديلات القادمة .
كثير من الشعوب العربية تنظر إلى التجربة التركية بعين الاحترام وتراها نموذجا يحتذي به وتسعى الى تحقيقه ، ونتمنى أن تستمر هذه التجربة بنجاح وان لا تفشل كما فشلت أحزاب كثيرة في دول عديدة عندما وصلت إلى السلطة وسيطرت على الحكم قامت بإقصاء معارضيها وسيطر الحزب على كافة مفاصل الدولة وأصبح الحكم حكم الحزب الواحد فقامت في داخلها انقلابات وثورات ولكنا ليست عسكرية بل ثورات شعبيه
اللهم احمي تركيا المسلمة وأوطاننا العربية من كل سوء ...اللهم آمين