يتحفظ الرجل الشرقي بمجتمعاتنا في إخفاء مشاعره الرقيقة تجاه من يحب ،،،
الذكر بمجتمعاتنا يتربى على أن يكون رجلا صلبا فلا يظهر أي نوع من أنواع العاطفة التي يكنها للطرف الآخر.وتعود إلى طبيعة البيئة القاسية التي عاشها أبائنا وأجدادنا فيعبر الرجل الشرقي عن حبه لزوجته وأمه وأولاده بالأحضان والتقبيل لا بامتداح الأفعال والثناء عليها فقط وأن يستخدم مفردات الحب والعشق ،أحبك ،واشتقت إليك،،، يا قلب أبوي ومعلاق أمي ،،،،وغيرها .
إن التعبير عن مشاعرنا وحبنا بمجتمعاتنا يصبح مثيرا للشك والريبة،،،فلو أظهر الرجل الشرقي عشقه وحبه لزوجته مرة وهي غير معتادة على هذه الكلمات الجميلة والرومانسية والشاعرية المفرطة من خلاله
فقد تشك فيه وتتصور أنه يحاول أن يصرف نظرها عن شيء ما، والزوج أيضا قد يشك بأن زوجته تضمر له مكيدة ما أو تستعد لطلب شيء ما منه إذا استقبلته بحب وترحاب واشتياق.
فالمرأة والرجل على نقيض منذ الأزل وقبل التكوين وصراع الرجل والمرأة أعتبره نعمة وليس نقمة كما يعتقد البعض فالصراع والمنافسة بين الرجل والمرأة يولد النجاح والإبداع لكل منهما لإظهار مدى نجاحاته للطرف الآخر مما يسهم بديمومة الحياة بين الرجل والمرأة والإسراع بسباق التسلح والحرب الباردة ما زالت مستمرة لهذه اللحظة الجنونية فهي تعتبر فاكهة الشتاء وبدونها لما جئنا لهذا الشقاء.
فلولا وجود رجل ولولا وجود امرأة لما كنا اليوم ولا يعمر الكون فمن يتصور ليوم واحد فقط الكون بدون امرأة أو العكس لكان الدمار حل مكان الحب والعاطفة،،، والقتل والدمار مكان الزوجة والأولاد،،، واختفى الكون من الوجود وانقرضنا بأسرع وقت ولما تكاثرنا إلى هذا الحد وبالرغم من كل هذه الاختلافات والحركات والإفتعالات والحركشات فنحن لا يمكننا العيش كجنس واحد على هذا الكوكب الساحر ولما أوجد الخالق العظيم منا ذكرا وأنثى،،،
والرجل الشرقي له عدة صفات فريدة وأنا أولهم وفعلي من أفعالهم أحيانا ولكنه لا يطبق هذا الكلام على كل الرجال الشرقيين إذ أنه بهذه الأيام تغيرت النظم والأفعال والعقول النيرة فهي شريحة صغيره وبالواقع موجودة فقط بكميات قليلة بالمجتمع إذ أنه لا يتعين على البعض الخوف والريبة فنحن جميعنا بشرا نخطئ أحيانا ونصيب أحيانا أخرى.
الرجل الشرقي مثله مثل الفصول الأربعة:
صيفا يكون معزا
شتاءا يكون مذلا
ربيعا يكون محبا
خريفا يكون متصابيا
وهذه الفصول الأربعة للرجل الشرقي تقسم على حسب الفئة العمرية فالرجل عندما يكون شابا وفتيا وفي مقتبل العمر يكون معزا للحبيبة قبل زواجه وحالما ولا يرى غيرها بالوجود فيراها أجمل النساء ويحلم بها ليلا نهارا ولا يريها أيا من عيوبه لحين إيقاعها بحبه الشرقي المتغطرس على المشاعر والقلوب وما أروع الرجل الشرقي حين يعشق وحين يحب،،، فهو أروع الرجال بالوجود ولا مثيل له بكل المجتمعات الغربية.
وحين يتزوج من يحب يكون محبا للأيام السبعة الأولى فقط أحيانا من الزواج ويقال عنه محكوم وجبان إذا لم يجلس هو ورفاق السوء القدامى ليستذكروا الأيام الخوالي والليالي الملاح والذكريات الصبيانية ويبقى محبا وعاشقا لضمان استمرارية الحياة منتظرا المولود الذكر طبعا عند البعض لإثبات مدى رجولته والفوز باللقب والميدالية الذهبية معتقدا منه بأنه المسبب الأول والأخير لهذا المولود الذكري والذي هو شأنه أن يقال له أبو فلان.
وهنا يأتي الرجل بمنتصف العمر ويصبح مذلا بعض الأحيان وقاسيا أحيانا فيصبح غير ذي قبل ويتنافس على الخروج من المنزل مبكرا ويمسي متأخرا لمنتصف الليل بحجة الجلسة الفلانية والمسئول الفلاني أصر علي الجلوس وتحداني لمعرفة مدى سيطرتي على زوجتي وهل أنا رجل أم لا ويصبح يهذي وبحالة سرحان ويستمع للأغاني العاطفية والغريب قبل ذلك لم يكن يطيقها ويصبح كارها متحججا بكل شيء ويفتعل القتال لخروجها من المنزل ليتسنى له حجة الزواج البديل فهو بهذا العمر يمر بمراهقة الأربعين هذا العمر اللعين،،، للرجل والأروع للمرأة الشرقية فالمرأة بهذا العمر يكتمل جمالها وعقلها وحبها وعشقها وتضحيتها وعنفوانها وغيرتها وسخطها وعفوها وأمومتها وديمومتها الأنثوية الفائقة الحد.
فتراه منشغلا بالعالم الآخر من النساء الأخريات اللواتي لم ولن تجلب له سوى الدمار له ولأسرته ويرى زوجته العفيفة الشريفة الجميلة والأم المثالية الحلساء الملساء للأسف (جرباء) معتقدا بأنها تطارده بالأحلام وخنجرها قتال فيصبح جاهزا فقط لإشعال فتيل الغيرة والتهديد والوعيد بزواج آخر يصنع من رجولته المفرطة وشموخه المفتعل سلاحا ذو حدين أحلاهما مرارة،،، إما الطلاق وإما الهجران ويخسر الأول ويخسر الطرف الوهمي الثاني المفقود والذي أصلا غير موجود وترى كلمة(علي الطلاق بالثلاثة) ملتصقة بفمه عن دون الكلمات الأخرى منذ العصور الجاهلية،،، فهذه الكلمة السحرية مستخدمة جدا منذ زمن بعيد وترى بعض الرجال أمضى بقية عمره يطارح زوجته الغرام بالحرام دون علم مسبق بطلقة هنا أو هنالك بجلسة أو بقسم يمين كاذب وهي لا تعلم ،،، ويعيش أولاده على الأعصاب الملتهبة والمغلية بنار المشاكل المنزلية فيخسر الأولاد ويطلق أحيانا أم الأولاد وتصبح محرمه عليه للأبد من جراء افتعال ألغيرة القاتلة ويكافئها بالطلاق مع سبق الإصرار والترصد ويتهمها بأنها هي من أخفق معه بالتعامل السيئ وافتعال المشاكل وفي بعض الأحيان وعند بعض الرجال يتهمها بالفاحشة لا سمح الله لقتل أي فرصة لها بالتعايش الشريف ويغتصب سمعتها للحيلولة منها ولإبقائها أسيرة العشق الاستعبادي.
ويأتي الرجل بخريف العمر متصابيا يمشي باهتزاز ويتمايل شمالا ويمينا،،، ويكون في بعض الأحيان متصابيا لاهيا مدمرا مكسرا كل القوانين والدساتير بحجة التغيير وقوله بأنها أصبحت عجوز ولا يجوز المشي حتى معها بالشارع لأنها أصبحت لا تليق بمقامه متناسيا أولاده العشرة وبناته الثلاثة اللواتي أصبحنا فقط أمهات لسبعة أولاد وبقية أحفاده وتعدادهم سبعة وثمانون غير الذين توفوا وتعدادهم ثلاثة عشر حفيد،،، ويفكر بالزواج والماكياج الرخيص الزائل من أول قبلة من طقم أسنانه المتساقط ليلا نهارا وصبغة شعره المتساقطة ألوانها يوما بعد يوم يركض إلى المرآة متدحرجا بعصاه الخشبية التي نخر بها السوس منذ أربعة وأربعين عاما ماضية باحثا عن الألوان الفاقعة والنظارات الشمسية والتي تخفي معالم النظارة الطبية باحثا عن صبية عجوز قد داهمها قطار العنوسة السريع،،، وأصبحت لعبة قطنية (شرايط) لا تظهر على الناس بدون إحدى وعشرون علبة ماكياج،،، ضاحكة تراها للوهلة الأولى تعتقد بأنها باكية،،، وللحب والزواج باحثة عن كهل متصابي يعيد إليها ما تبقى من الصبا وما سلبه الدهر والأيام منها أيام ما كانت شبه صبية ويغريها هذا الرجل بكثرة المال وبحلو الكلام ويمطرها بشعر لم يقال لنزار قباني والأخطل الصغير قد سرق كلماتهم من حفيده الجامعي الذي تخرج بحرب أيلول قبل أربعون عاما من اليوم وهو وبعز اللحظة وهو ينشد الشعر والغزل للزوجة القادمة من الحروب النازية يقع طقم أسنانه على (صدرها السلكوني المتعفن) منذرا إياها بالأيام المقبلة كيف ستكون ولرغبة جنسية توافق عليه هذه المرأة المطاطية وبيوم زفافها تموت الزوجة العفيفة الشريفة من شدة غيرتها على زوجها القديم المتجدد ولا يحضر عزائها لانشغاله بتجهيز العروس المرتقبة من بلاد الشام لافتتاح قاعة ملوكية أعدت لزواج أسطوري لكهل متصابي على عكازة زجاجية لعدم رؤيته من البشرية متصابي ومخفي عصاه السحرية،،، وينتهي العرس الأسطوري بعد تقطيع أكبر عدد من الأحفاد والأولاد على منظر أبيهم المتصابي القادم من العصور الوسطى مودعا إياهم للسفر لدولة آسيوية لشهر الكلل الملل زمن البطولات الكرتونية والأفعال الصبيانية بألوان زهرية على الشواطئ التايلندية ويدخل قبر الزوجية ببيجاما خمرية ويسقط ما عليه من إكسسوارات زمنية ليزلزل الفراش كما كان أيام خدمته العسكرية ويبدأ الاستعراض الكرتوني ويبدأ النطنطة ليقنعها بأنه ما زال فتيا مع وضع عطر(عفن الليالي) الفاخر وتبدأ نبضات قلبه بالماراتون السريع وارتفاع بضغط الدم ولسوء حظه قد نسي أخذ الدواء قبل حفلة الإغراء ليسقط أرضا هو وطقم أسنانه ليعلن نهاية العبودية لزوجة لم تشاهده عاريا قط سوى مرة واحدة فقط عند تغسيله وتكفينه للقبر وأصبح اسمها اليوم أرملة العجوز المتصابي التي لم ترى الجنس أبدا ليومنا هذا وهكذا انتهى مسلسل الرجل الشرقي كما ينتهي الفيلم العربي ومات البطل وبقيت البطلة بألم وحسرة على الفقيد،،، ولولا الموت لما شعر بالغنى أحفاده ولا أولاده فورثت بعض ليرات منتهية مدة صلاحيتها ولا تستبدل بالعملة الأردنية فعادت كما جاءت (أيد من ورا وأيد من قدام) مرددة مقولة
يا فرحة ما تمت وأحيانا اجت الحزينة تفرح ما لقت لها مطرح،،،
تقبر عضامي ابن عمي فتحولت الدعوة بشكل عكسي وأسدل الستار على هذه المسرحية الكرتونية وبقيت الباروكة ليومنا هذا تشهد عليه،،، وما زال طقم أسنانه يطقطق لغاية هذه الساعة مرددا مقولة (بدي عروس ترجع لي صباي الذي سرق مني منذ حوالي أربعة وتسعون عاما من الآن وما زالت حبوب (الفياجرا) الحبة السحرية بلونها الأزرق الساحر شاهدة عليه لهذه اللحظة الجنونية. باقية ليومنا هذا على المنضدة الخشبية بغرفة الفندق الأسطوري بآسيا الصغرى وأصبح الهندوس يعبدونها وأمست كالأصنام ويقدمون لها القربان لألهتهم الوثنية ،،،وأصبحت مزارا لكبار السن وللصور التذكارية.
وحفرت قبرها بدبوس،،، وهي ما زالت عروس.
العجوز المتصابي
هاشم برجاق