يسكن داخل كل منا نائب ؛ فحينما يبلغ الواحد منا سن التقاعد من أي وظيفة كانت,فأول خياراته هو أن يرشح نفسه للانتخابات النيابية ؛ أما المتواضع منا هو الذي يرضى برئاسة أحدى البلديات أو القبول_ بعد الإقناع _ بأن يكون عضوا في واحد من مجالسها .
لو سألنا عن السبب لبرز أمامنا الكثير من الإجابات، والتي من أبرزها ما يلي :-
اعتقاد البعض أنهم يتمتعوا بشعبية واسعة تمكنهم من خوض الانتخابات بكفاءة واقتدار، خصوصا أن كان موقعه الوظيفي يساعده على الالتقاء بالمواطنين واستقبالهم ؛ فهم يقدموا له المقعد النيابي على طبق من ذهب ، وما عليه سوى تقديم استقالته.
آخرون يقنعون أنفسهم أنهم قد حضوا بإجماع العشيرة ؛ مع أننا نعلم أن اجتماعاتنا العشائرية في معظمها مقصورة على شيوخ ووجهاء وكبار السن في العشيرة , وتتخذ القرارات بأسلوب المجاملة واحترام المشاعر ، بعيدا عن المكاشفة والمصارحة والتقييم الموضوعي لوضع العشيرة نفسها أو لمرشحها، أو تبنى القرارات على المناكفة وعدم الاتفاق مما يخلف عداوة وبغضاء وتفكك في بنية العشيرة , وربما تطور الأمر لأكثر من ذلك.
تلجا بعض العشائر إلى أجراء انتخابات داخلية بين مرشحيها الأمر الذي يتسبب بتقسيم العشيرة الواحدة ؛ مع أن هذا الفرز لا يقوم على أسس العدالة والديمقراطية؛ لأن المرأة غالبا مغيبة مع أن الجميع يرددون بلسان غير ذي عوج " المرأة نصف المجتمع".
الحضور و مهما بلغ العدد لا يمكن أن يمثل جميع أفراد العشيرة ويعبر عن وجهات نظرهم وتطلعاتهم ورغباتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية؛ كما أن الإحصائيات تشير أن (70%) من الشعب الأردني هم من الشباب ؛ وهم عادة مغيبون ؛ وأن حضر بعضهم يتم إسكاتهم وتجاهل وجهات نظرهم بالطرق المعروفة والسائدة في مجتمعنا. .
صنف آخر يفرض نفسه موهما الجميع بأنه مرشح أجماع ، ولقد طلبت هذه الجهة أو تلك أن يقوم بترشيح نفسه والأمر منتهي والأمور عال العال .....هؤلاء يغرسوا في أذهان العامة أن العملية الديمقراطية تخلو من النزاهة والشفافية ؛ لتنطلق حناجر المشككين بهدم البناء الديمقراطي برمته.
فئة قيظ الله لها المال لتستغل سوء أوضاع بعض الناس وظروفهم المعيشية الصعبة والقيام بشراء أصواتهم وفق مواثيق وشروط معينة ؛ ولهذه الفئة خبرتها وتجاربها في هذا المجال ؛ كما أن البائع قد علمته التجربة أنه لن يتمكن من الوصول لهذا النائب أو التشرف بمقابلته وسماع صوته حال نجاحه ، فهو يقبض الثمن سلفا تحت شعار " عصفور باليد ".
عشائر صغيرة لن تتمكن في ظل قوانين الانتخابات السابقة والحالية و القائمة في مجملها على الصوت الواحد ترشيح أي من أفرادها مهما بلغت كفاءته ومقدرته لأن فرصة أنجاحه شبه مستحيلة.
علينا أن نعمل معا بموضوعية ومصداقية لإنقاذ المسيرة الديمقراطية ، والعمل على أنجاح نائب وطن قادر على تحمل المسئولية تجاه الوطن والمواطن؛ قادر على التشريع والرقابة ، حريص على المصلحة العامة؛ليحمل همنا ؛ ويدافع عن قضايا أهله وأمته .
كثيرون هم من يقحمون أنفسهم ؛ ويعيشون حلم تحقيق ذاتهم وتحسين أوضاعهم ولفت النظر أليهم ، مع أنهم يعرفون أنهم ليس أهلا لذلك .أن غدا لناظره قريب، حيث سيجدون أنفسهم أمام حقائق لا ترضيهم، الأمر الذي سيفقدهم ثقتهم بنفوسهم وبمن حولهم ( زن نفسك قبل أن يزنك الناس)؛ ولا تلقي بنفسك فريسة للأحلام ودغدغة العابثين بالعواطف و للمنتفعين الذين لا هم لهم غير النفاق والكسب .
أخي الناخب....لا تقطع وعودا تعلم مسبقا أنك لا تقدر على الوفاء بها ....أمتلك الصراحة والجراءة ...حكم الضمير فيمن تختار...أفتح الباب أمام القادرين على رفد المسيرة الديمقراطية ؛ والارتقاء بالوطن والمواطن.
واصل المبيضين