كثيرة هي الأخبار الطريفة هذه الأيام ومنها أن وزارة التربية والتعليم شكلت لجان لكي تدرس ظروف المدارس التي \" لم ينجح بها احد\" للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذه النتيجة المخيبة , علما أن هذه النتيجة تتكرر كل عام في كثير من المدارس في مناطق مختلفة من المملكة .
يمكننا من الآن القول أن المستفيد الأول من هذه اللجان هم أعضائها وذلك بالنظر الى ما سيتقاضونه من بدل جلسات ومياومات وبدل تنقل لجمع المعلومات ودراستها وتحليلها واستخراج النتائج ورفع التوصيات التي ستبقى حبر على ورق .
أما أسباب إخفاق طلبة هذه المدارس في امتحان التوجيهي فهي معروفة للقاصي والداني ولا تحتاج الى لجان !!! خصوصا أذا عدنا الى هذه المدارس سنجد أنها تقع في مناطق نائية في قرى بعيدة عن مراكز المدن وسكانها من أبناء الريف والبادية الأشد فقرا في كل شيء وهنا نتساءل :
كيف سينجح أبناء هذه المناطق ولا يوجد في مدارسهم معلم رياضيات او فيزياء او انجليزي او عربي طوال الفصل الدراسي ؟؟
كيف سينجح أبناء هذه المناطق وهم يقضون نصف يومهم مشيا على الأقدام ذهابا وإيابا من والى المدرسة التي تبعد عدة كيلو مترات عن قراهم وأماكن سكناهم ؟؟
كيف سينجح أبناء هذه المناطق وهم يقضون معظم وقتهم بالرعي (السراحة) والزراعة لمساعدة الأهل في دفع رسوم الجامعات وتسديد أقساط الكمبيالات ؟؟
كيف سينجح أبناء هذه المناطق وهم يشاهدون إخوانهم وأخواتهم لا يجدون أجرة المواصلات للذهاب لجامعاتهم وأعمالهم إن وجدوا عمل أصلا ؟؟
كيف سينجح أبناء هذه المناطق والمعلم غائب او نائم لأنة يعمل ليل نهار يركض وراء لقمة العيش بسبب تدني الراتب وارتفاع الأسعار وكثرة الضرائب ؟؟
كيف سينجح أبناء هذه المناطق وهم في مدارس لا مواصلات لها وتفتقر لكل الخدمات من ماء و كهرباء و حمامات او مرافق أخرى ناهيك عن الملاعب و المختبرات ؟؟؟
صحيح أن هناك من يعيش في تلك المناطق تحت نفس الظروف وينجح ويتفوق في امتحان التوجيهي لكن هذا استثناء وليس القاعدة , لذلك فالأسباب معروفة أهمها الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية في التنمية والخدمات والعمل في تلك المناطق , وعلى الحكومة أن كانت جادة في معالجة أسباب فشل الطلبة في امتحان التوجيهي في تلك المناطق أن تضع خطة تنموية شاملة وتوفير \" مخصصات مالية \" لتنفيذها تشمل بناء مدارس حديثة وتوفير وسائل مواصلات إليها وزيادة رواتب المعلمين فيها ودعم الطالب الفقير ماليا هذا بالاظافة الى إقامة مشاريع استثمارية في تلك المناطق إن أمكن لتشغيل أبناء المنطقة ووقف الهجرة من القرى الى المدن . هذا هو واجب الحكومة وصلب عملها إن كانت تريد معالجة أسباب سوء وتردي أوضاع تلك المناطق و إنصاف أبنائها كما أنصفهم جلالة الملك المعظم وأمر ببناء مساكن لهم وتخصيص كوتا تعليمية لهم.