زاد الاردن الاخباري -
في ظل تصاعد الأوضاع الميدانية المشتعلة داخل المسجد الأقصى المبارك؛ بسبب ما شهده خلال الأيام الأخيرة من اعتداءات واقتحامات واعتداء على المرابطين فيه من قبل المستوطنين المتطرفين، وانشغال الأمتين العربية والإسلامية عن ذلك، يتوجه الاحتلال لاستغلال الظروف الراهنة وخلق واقع أكثر خطورة من ذي قبل.
حيث بدأت حكومة الاحتلال اللعب بورقة "الوصاية الأردنية" على الأقصى، بعد التوتر الأخير الذي جرى بين عمان و"تل أبيب" على خلفية أحداث الأقصى.
-لعب بورقة الوصاية
رأفت عليان، المتحدث باسم حركة فتح في مدينة القدس، قال إن: "الأفعال الأخيرة التي قام بها الاحتلال في المسجد الأقصى واقتحامات المستوطنين، يسعى من خلالها لهدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم، في الوقت الذي تستغل فيه إسرائيل الصمت العربي والإسلامي".
وأضاف: "هناك تصعيد غير مسبوق في الأقصى من خلال اعتقال حراس وزارة الأوقاف الأردنية؛ لأن إسرائيل تريد سحب الوصاية على الأقصى من أي دولة عربية لإحكام سيطرتها عليه"، موضحاً أنها "بدأت بتطبيق إجراء جديد لايسمح بدخول أي شخص للأقصى إلا بعد ترك هويته الشخصية بالخارج؛ لكي تثبت للعالم بأن هذا المكان تحت سيطرتها، ولا مكان للمسلمين فيه".
وشهدت بداية الأسبوع الجاري أكبر موجة اقتحامات من قبل المتطرفين؛ بحجة إحياء ذكرى "خراب الهيكل" المزعوم بحسب المعتقدات اليهودية، وزاد عدد المقتحمين على 360 تحت حماية شرطة الاحتلال. ولم يتوقف الأمر على الاقتحام بل محاولات أداء طقوس تلمودية داخل المسجد واشتباك بالأيدي مع المرابطين، وأقدمت شرطة الاحتلال على اعتقالات في صفوف المصلين الذين حاولوا التصدي للاقتحامات بشتى الطرق.
وتواصلت الاقتحامات يومي الاثنين والثلاثاء بوتيرة عالية من ساعات الصباح الأولى وحتى الحادية عشرة والنصف عبر باب المغاربة الأقرب إلى الأقصى، وتنفيذ جولات استفزازية داخل الأقصى بذريعة أنه بُني على أنقاض الهيكل المزعوم بحسب الرواية اليهودية.
وفي رده على تلك الانتهاكات، قال العاهل الأردني عبد الله الثاني: "إن المسجد الأقصى مسجد إسلامي لا يقبل القسمة ولا الشراكة".
في حين اعتبر وزير الأوقاف الأردني، وائل عربيات، الاقتحامات اليهودية المتصاعدة، "اعتداءات قد تقود إلى حرب دينية".
ولم تعجب تصريحات ملك الأردن كثيرين في إسرائيل، بيد أن تصريحات آفي ديختر، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، كانت الأبرز في ردود الفعل الإسرائيلية على التصريحات الأردنية.
إذ عبر عن رفضه تحويل الأقصى إلى ما يشبه مكة المكرمة أو المدينة المنورة في السعودية، على حد وصفه، وقال: "تشهد الفترة الأخيرة موجة متزايدة واتجاهاً متصاعداً يدعو إلى الدفاع عن الأقصى، وهذا الدفاع اتسع كثيراً من الجزء الجنوبي من المسجد، فقد باتوا يتحدثون الآن عن كامل المساحة التي يقوم عليها المسجد الأقصى، وإسرائيل لن تسمح بذلك أبداً".
ونقل موقع القناة السابعة العبرية عن ديختر قوله: "إن تفكيرهم أن يفعلوا في منطقة المسجد الأقصى ما فعلوه في السعودية ،حين حولوا مكة والمدينة إلى أقدس مكانين للمسلمين، وإعلانهما مدينتين لا يدخلهما سوى المسلمين هو تفكير منحرف ومشوه، ولن نسمح بتحقيقه مطلقاً، مضيفاً: "سنحترم قدسية المسجد الأقصى، لكننا سنصر على حقوقنا في جبل الهيكل".
-خلق واقع جديد
الشيخ يوسف أدعيس، وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، رفض وبشكل قاطع كل التحركات الإسرائيلية التي تسير نحو سحب الوصاية العربية عن المسجد الأقصى المبارك.
وأكد لـ"الخليج أونلاين" أن مخططات الاحتلال بهذا الجانب "مكشوفة للجميع، وهي تلعب بتلك الورقة في استغلال واضح للظروف والتصعيد داخل الأقصى، وكذلك الوضع العربي والإسلامي المترهل".
وشدد على أن الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى "ستبقى، وسيدافع عنها كل فلسطيني وعربي ولن يسمح للاحتلال باللعب بهذا المجال"، موضحاً أن الاحتلال "يريد بذلك خلق واقع جديد يكون أكثر خطورة واشتعالاً من قبل".
وذكر وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أن المسجد الأقصى في سلم أوليات القيادة الأردنية، ولا يمكن التماشي والتعامل مع مخططات الاحتلال لسحب الوصاية عنه، مؤكداً أن ما يجري بالأقصى في صلب اهتمامات الأردن.
ولفت إلى أن الأقصى "هو وقف إسلامي خالص، ولا يحق لأي أحد غير المسلمين بالوصاية والسيطرة عليه"، مؤكداً أنه "سيتم مواجهة ورفض وبكل قوة المخططات الإسرائيلية التي تحاك ضد المسجد المبارك".
وناشد الأمتين العربية والإسلامية بالتحرك لإنقاذ الأقصى قبل فوات الأوان وتنفيذ الاحتلال أخطر مخططاته.
بدوره، أكد النائب د.أحمد أبو حلبية، مقرر لجنة القدس في المجلس التشريعي، أن تخطيط الجماعات اليهودية لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مخطط خطير، ويشكل أكبر جريمة حرب بحقه.
وأوضح أن الاحتلال يخطط منذ فترة من أجل هدم المسجد الأقصى من خلال الخطوات المتقدمة في تشجيع الاقتحامات، وتقسيمه زمانياً ومكانياً تحت حماية الشرطة، مشيراً الى أن تصريحات ديختر دعوة خطيرة هدفها الاستفراد بالمسجد الأقصى، وفرض وجود الإسرائيليين في أماكن وأزمنة معينة، وسحب الوصاية الأردنية عنه.
وبتاريخ 31 مارس/آذار من عام 2013، وقع الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تاريخية، أعاد فيها الرئيس عباس التأكيد أن ملك الأردن هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليه، خصوصاً المسجد الأقصى، المعرف في هذه الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف.
وتمكن هذه الاتفاقية، التي تؤكد المبادئ التاريخية المتفق عليها أردنياً وفلسطينياً حول القدس، الأردن وفلسطين من بذل جميع الجهود بشكل مشترك لحماية الأماكن المقدسة من محاولات التهويد الإسرائيلية، كما تهدف إلى حماية مئات الممتلكات الوقفية التابعة للأقصى المبارك.
-هدم الأقصى
وفي السياق، كشفت القناة الثانية العبرية، في تقرير متلفز، أن منظمات وجمعيات إسرائيلية "وضعت خطة مدتها 3 أعوام من أجل هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل" المزعوم.
وأضافت القناة الإسرائيلية، أن مؤسسات ومنظمات يهودية "تجهز نفسها لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، وأنها بانتظار قرار سياسي رسمي في ذلك، بعدما تم وضع خرائط له ومدة البناء التي لن تزيد عن 3 أعوام".
وأوضحت أن هذه المنظمات "بدأت في نقل المعدات والأدوات اللازمة ووضعها في الأماكن القريبة من المسجد الأقصى". متابعة أنه وبالإضافة لما تم تخطيطه "سيتم تفعيل برامج وحلقات بيتية لتشجيع تكثيف اقتحامات الأقصى، وتفعيل نشاط شعائر مراسيم الزواج التلمودي فيه".
و"الهيكل" بحسب المزاعم اليهودية، هو هيكل سليمان، أو معبد القدس، والمعروف باسم الهيكل الأول، الذي بناه النبي سليمان عليه السلام، وأطلق عليه اسم "الهيكل" لوضع التابوت الذي يحتوي على الوصايا العشر، ويدعون أن البناء تعرض للتدمير على يد القائد البابلي، نبوخذ نصَّر، أثناء غزوه القدس عام 586 قبل الميلاد.
وبينما يصر اليهود على أن الهيكل كان في الموقع الحالي للمسجد الأقصى، فإن الحفريات الواسعة التي قامت بها دولة الاحتلال في المنطقة منذ عام 1967، لم تثبت وجوده.
الخليج اون لاين