ندين محاولة تفجير السيارات الدبلوماسية الإسرائيلية حباً بالأردن وحرصاً على أمنه ومنعاً لاستهدافه.
وندرك أن العبوة الناسفة التي زرعت على طريق البحر الميت بغض النظر عمن فعلها "لغم" يستهدف مكانة الأردن الدولية ووسيلة تعمل الحكومة الإسرائيلية على استخدامها لابتزاز عمان سياسياً وأمنياً، ومحاولة لصرف النظر عن أزماتها المتصاعدة منذ عدوانها على غزة
وبعدها تقرير غولدستون وانتهاء برفض المجتمع الدولي لسياسات الاستيطان والعمل على "قضم" القدس وتغيير ديموغرافيتها.
بعد تفجير خوست في أفغانستان تحركت ماكينة الإعلام الصهيوني في أميركا إلى تحميل المخابرات الأردنية مسؤولية هذا الاختراق الأمني، ووجدت في "العبوة الناسفة"، التي انفجرت قرب سيارات دبلوماسييها، فرصة مناسبة لشن حرب أخرى على الأردن والتشكيك بقدراته الأمنية والذهاب أبعد من ذلك الى توجيه اتهامات مبطنة بأنه من سرّب المعلومات الأمنية عن تحركات طاقمها الدبلوماسي.
الصفعة التركية لاسرائيل يبدو أنها لم توقظها من غطرستها في التعامل مع كل الدول، لهذا لم تتعلم من الدرس وأعادت الكرة مع الأردن لعلها تفلح في ليّ ذراعه بعد أن تصدى لسياساتها الاستيطانية.
المشكلة مع اسرائيل ليست مع نتنياهو أو ليبرمان، بل مع نهجها التوسعي الدموي القائم على إلغاء الآخر، وسعيها الى الاتكاء على القوة لتبديل قواعد اللعبة، وانقضاضها حتى على الاتفاقيات التي توقعها قبل أن يجف حبرها.
"السلام مع إسرائيل بارد" كما قال جلالة الملك وليس مرشحاً بعد كل هذه الحركشات الإسرائيلية أن يصبح دافئاً أو أن يتقدم، وما تعرض له السفير التركي في تل أبيب ربما يتعرض سفيرنا علي العابد الى أكثر وقاحة منه، وعلينا أن نتهيأ لذلك.
اسرائيل بارعة في تصدير أزماتها إلى الخارج، وفي توظيف كل قصة ومشكلة لخدمة أجندتها، ولا تكترث كثيراً بعلاقاتها العربية بعد أن تأكدت من عجزهم ومن صمت العالم على جرائمها الصارخة.
اسرائيل التي يربطها بالأردن اتفاقية سلام لا تريده قوياً مستقراً بل خانعاً ضعيفاً، وهي تستخدم كل أوراقها ونفوذها في واشنطن، والعواصم الأوروبية لتجفيف وتقليص منابع الدعم المالي والمعنوي له، وحادثتا تفجير خوست في أفغانستان والعبوة الناسفة على طريق البحر الميت فرصة لها لنهش الأردن.