مع بدء العد التنازلي, لموعد الترشيح لمن يرغب في خوض الانتخابات النيابية, ومن خلال المتابعة والمشاهدة والملاحظة للحراك الانتخابي, أرى أن ما تشهده الساحة الأردنية من نشاط ملحوظ ومكثف واهتمام بانتخابات هذا العام من مختلف أطياف المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية يبشر ويدعو إلى التفاؤل, بأن غالبية أبناء الوطن, باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي وبعض الأحزاب الضعيفة غير المؤثرة, سيشاركون في هذه الانتخابات بفاعلية لاختيار من يمثلهم, ذلك أنهم, يرون, أن المشاركة في الانتخابات, مسؤولية وطنية يجب على الجميع الإسهام بها, وأن المواطن الصالح الوفي, المخلص, المنتمي لوطنه عليه أن يشارك في صياغة مستقبل حياته ومستقبل وطنه, وذلك بتحمل ولو جزء من المسؤولية.
وللأمانة أقول: أنه من خلال احتكاكي, وتواصلي مع الناس, ومتابعتي لتصريحات وبيانات معظم مؤسسات المجتمع المدني, من أحزاب ونقابات وتجمعات سياسية وفكرية وثقافية وعشائرية, المس أن الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن, ترى أن لا مبرر لمقاطعة الانتخابات, وأن المشاركة فيها, واجب وطني, واستحقاق دستوري, خصوصاً وأنهم لمسوا صدق نوايا الحكومة في الإشراف عليها بأسلوب حضاري وبأعلى درجات النزاهة والشفافية والحيادية, وأنهم يثمنون عالياً الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حتى الآن لتطبيق القانون في جميع مراحل العملية الانتخابية, لا سيما مراحل التسجيل والاعتراض والتي يصفونها بغير المسبوقة في تاريخ الحياة النيابية الأردنية.
الحكومة ممثلة برئيسها الرفاعي, أكدت وما زالت, وتعهدت بأن يكون تطبيق القانون هو المعيار الوحيد في إجراء الانتخابات, وأن الحكومة ملتزمة وجادة وصادقة بما وعدت, وأن هذه التأكيدات وهذه التطمينات تمثلت بلقاءات الرئيس بالأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع, من نقابات مهنية وعمالية وغيرها, وعلى رأسها تلك التي قدمها, لحزب جبهة العمل الإسلامي, وذلك عندما قطع لهم الوعد بأن يحيل قانون الانتخابات إلى مجلس النواب لمناقشة كل الملاحظات والمطالبات والاعتراضات عليه... وبعد:
إن المأمول من جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزب جبهة العمل الإسلامي, وبعد التطمينات الجادة والصادقة من قبل رئيس الوزراء حول مجمل العملية الانتخابية والتي يلمس الناخب الأردني مصداقيتها وشموليتها, إعادة النظر بمواقفها من المشاركة بهذه الانتخابات, لأن مجلس النواب – كما أكد الرئيس الرفاعي – هو المكان الأنسب لمناقشة الخطط والبرامج والسياسات والمشاريع الكبرى والأولويات الوطنية وكافة القضايا ذات الشأن العام.
وفي ظل كل هذه الحقائق وهذه المعطيات, أوجه النداء إلى جماعة الإخوان المسلمين: يا أيها الإخوان, إن تشاركوا في الانتخابات, برغم كل ما لديكم من ملاحظات على قانون الانتخاب وسياسات الحكومة, ذلك يكون أقرب إلى الصواب, وأقرب إلى نبض الشارع وإلى قواعدكم الشعبية والانتخابية, و إلا, وضعتم أنفسكم والحزب – وهذا ما أراه – أمام هذه الخيارات:
إن قاطعتم, والتزمت الحكومة, ونفذت ما وعدت به وجاءت الانتخابات نزيهة وشفافة وأحسن الناخب الاختيار, سنكون أمام مجلس نيابي فاعل يلبي طموحات الشعب, عندها, ستخسرون بعضاً من قواعدكم, وستحقق الحكومة مكسباً وتعزز مصداقيتها...
إن قاطعتم, والتزمت الحكومة, ونفذت ما وعدت به وجاءت الانتخابات نزيهة وشفافة, لكن, أساء الناخب الاختيار, سنكون أمام مجلس نيابي ضعيف هزيل, عندها, ستكون حجة الحكومة والناس عليكم قوية في تحمل المسؤولية الدينية والأخلاقية عن هذه النتيجة لأن في مشاركتكم – وهذا متفق عليه – ضمانة لحد أدنى مقبول من نواب قادرين على خدمة الوطن وتصويب الأخطاء والتصدي لكل ما هو ضار...
إن شاركتم, ونقضت الحكومة عهودها, وتنكرت لوعودها, وتدخلت في العملية الانتخابية, لصالح هذا أو ذاك, وجاءت بمجلس نيابي على – كيفها – عندها ستكون حجتكم على الحكومة وسياساتها وبرامجها أقوى وأجدى وأكثر تأثيراً في نفوس الناس ورداً على كل المشككين في ثوابت الحزب وتوجهاته...
هذا ما أراه, وأرى فيه مصلحةً للوطن والمواطن, ولكم يا جماعة الإخوان المسلمين, فالتحديات أمامنا جمة, الأمر الذي يتطلب من كل المخلصين شحذ الهمم والطاقات, وحث الناس على المشاركة في الانتخابات, إبراء للذمة أمام الله والوطن والناس أجمعين.
الرابعة من مساء الجمعة بقلم:
29/شوال/1431ه. معين المراشده
8/تشرين الأول/2010م.
Email: moeenalmarashdeh@yahoo.com