زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يمكن ببساطة ملاحظة الحجم المتزايد لـ «الجرعة الفلسطينية» تحديداً في مضمون البيان المشترك الذي صدر عن لقاء القاهرة أمس الأول بين العاهل الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
بعد الإنشائيات المعتادة التي يكتبها الإعلام الرسمي في البلدين عن بحث دعم العلاقات وتلمس أوجاع المنطقة والنقاش في المستجدات ومواجهة الإرهاب تضمن البيان الذي وزعته إدارة الإعلام في الديوان الملكي الأردني عبارات وفقرات واسعة عن الملف الفلسطيني، الأمر الذي لا يحصل بالعادة.
ثمة مبرر سياسي على الأرجح لورود مثل هذا الحجم من التركيز على القضية الفلسطينية أولاً والشأن الداخلي الفلسطيني ثانياً في بيان ما بعد لقاء القمة خصوصاً ان الأردن يعتبر الدور المصري أساسياً جداً في إعادة إحياء ليس المفاوضات فقط ولكن وقف تداعي النظام الرسمي العربي.
العنصر الجديد في المشهد ان رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي وبحكم عمله السابق في الجامعة العربية وكسفير في القاهرة يعتبر اليوم من أبرز الخبراء الأردنيين في الملف المصري حيث عمل لسنوات لمصلحة بلاده في مصر.
التركيز على مصر ودورها الأساسي يبدو جلياً في كل ثنايا خطاب الرئيس الملقي مما يعني أن الرجل الذي بدل وغير في برنامجه ليوم الخميس في عمان بسبب الإنشغال بالزيارة الرسمية لمصر سيتولى شخصياً إدارة إجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي تعقد في وقت لاحق والتي اشاد البيان أصلاً في الحرص على إدامة اجتماعاتها.
وقد سمع مباشرة من الملقي كلاما عن ضرورة الإستناد إلى إعادة دور مصر المركزي في مواجهة كل التحديات التي يواجهها النظام الرسمي العربي.
وجهة نظر الملقي وقبل تكليفه برئاسة الوزراء ان حل الخلافات الداخلية الفلسطينية غير ممكن بدون دعم وإسناد القاهرة وتكريس التحالفات مع السعودية والإمارات ودول الخليج يتطلب بقاء مصر خالية من المشكلات قدر الإمكان للقيام بدورها.
قبل محطة القاهرة أكثر الملقي في مناقشات مغلقة ومجالسات سياسية من التعبير عن فكرة تستقر في وجدان صانع القرار الأردني حول إمكانية نهوض النظام الرسمي العربي الذي يواجه تحديات الأمن والاقتصاد والفك والتركيب وتضعف هوامش المناورة والمبادرة أمامه بوضوح.
الفكرة تتعلق بالجمع ما بين ثلاث أوراق أساسية يعتقد الملقي كخبير متقدم بالشأن المصري أنها كفيلة بتغيير الواقع الحالي وانتشال النظام الرسمي العربي من تداعيات مرحلة ما بعد الربيع العربي.
الأوراق هي الإمكانات السياسية والبشرية المصرية مع الإمكانات المالية والإقتصادية السعودية بالتوازي مع «الخبرة والثقافة السياسية الأردنية. وردت مثل هذه الأفكار على لسان الملقي في جلسات عدة مؤخراً وبقيت تعكس برنامجاً مقترحاً في عمق صناعة القرار الأردنية.
وأغلب التقدير وجود الملقي في الوفد رفيع المستوى الذي زار القاهرة برفقة الملك عبدالله الثاني يفترض ان يساهم في تفعيل إطار مقترح لاستثمار الأوراق الثلاث بصرف النظر عن ندرة الحماس السعودي الملموسة للتفاعل مع كل الملفات الأساسية في المنطقة.
عليه يمكن قراءة الوقفة الأردنية الأخيرة بجرعتها السياسية والإعلامية في القاهرة ضمن سياقات المحاولة الأردنية خصوصاً وان عمان هي التي طلبت ترتيب اللقاء مع السيسي علماً بأن بعض الأوساط السياسية المستقلة تقدر بأن السيسي مشغول تماماً بحالته الداخلية وقد لا يكون مؤهلاً لإحداث فارق في مسار النظام الرسمي والوضع الإقليمي.
رغم ذلك يتم رصد تلك الجرعة الفلسطينية التي برزت في بيان اللقاء بين الزعيمين بعد ساعات من عبارات مجاملة كبيرة وردت على لسان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يقف في عمان مبلغاً بعض الأصدقاء الأردنيين بأن العلاقات مع بلادهم «ممتازة» قائلاً «أنا لا أخفي شيئاً إطلاقاً عن جلالة الملك».
عباس ألمح إلى ان توصيات ونصائح الأردن تقود العمل الفلسطيني وتحظى بأقصى طاقات الإهتمام.
محاولة عباس ملموسة في السياق لـ»تحسين خطوط تواصله « مع عمان وتجاوز حالة من «الشك المتبادل» سادت طوال العام الماضي.
نشاط عباس في سياق الحرص على «إرضاء الأردن» إنعكست على نص البيان الصادر عن إجتماع القاهرة حيث تمت الإشادة بالدور الكبير الذي يلعبه الرئيس عباس بالإسم في إطار توحيد قوى الشعب الفلسطيني. ومثل هذه الكلمات التي أدخلها الملقي على الأرجح للنص تساعد عباس في القاهرة المتحالفة عملياً مع أقطاب معارضين له من حركة فتح.
لاحقاُ وفي البيان نفسه تحدث الزعيمان عن «توحيد حركة فتح وجمع شمل أولادها» لأن الظروف صعبة والتحديات التي تمر بها المنطقة والقضية الفلسطينية أساسية وكبيرة.
عملياً لم يسبق للموضوعات الفلسطينية الداخلية ان حظيت بهذا الحجم في بيان سياسي صادر عن القاهرة وعمان بالتوازي مع الحرص على تفعيل خيار التفاوض الذي يناسب عباس بكل الأحوال.
يمهد ذلك لقناة أردنية- مصرية ستعمل بالضرورة على المصالحة الداخلية الفتحاوية لكنها ستترك ملف المصالحة مع حماس لمرحلة تالية تكون فيها حركة فتح موحدة بسبب الموقف السلبي للأردن ومصر تجاه حماس. ويمهد لرعاية مصرية بمظلة أردنية للتحدث مع المجتمع الدولي مجدداً بعملية السلام إستعداداً لمرحلة ما بعد تولي هيلاري كلينتون إدارة البيت الأبيض وفقاً لهمسة خبير .
القدس العربي