أنا يا سيدي الفاضل حاصل على مسمى وظيفي وهو (عامل وطن)حديثا كما هو المعروف حاليا بأمانة عمان الكبرى وفي المجتمع المحلي (زبال) أجلكم الله وغير قابل هذا الاسم للتغيير ويا لقسوة هذه الكلمة ويا لسوء الأفعال وقسوة هذه الأجيال من الكبير قبل الصغير.
فأنا كسرت ولعنت عرض حاجز ثقافة العيب وعملت زبال كما يقولون ولكني مقهور من هذه الكلمة لما لها من تفسيرات استفزازية بالمجتمع،،، فالناس هنا لا تقبل تزويجنا ولو حصل وتزوجنا لاغتالوا أبنائنا من شدة النداءات والحركشات (ابن الزبال أجا وابن الزبال راح) فأصبح مفهوم هذه الكلمة يا سيدي الأمين مفهوما خاطئا فهو للذم والقدح بدون أدنى شك.
وحتى الأمثال الشعبية يا سيدي الأمين تستهين بعضها بمهنتنا ويستهزئوا بنا،،، وحتى الأهل عندما يقوموا بتنبيه وتوبيخ أبنائهم للدراسة والواجبات المدرسية يقومون بتهديدهم في حال رسوبهم بالمدرسة يتوعدوهم بأن يجعلوا منهم (زبالين الحي) وأكثر من هذا.
كيف لأولادي التملص من اسم وظيفتي عند تقدمه لفتاة أو عند تخرجه من جامعة أو التقدم لوظيفة.
فنحن يا سيدي مجتمع كثير منا يتباهى بوظيفة أبيه وخدامه وأعوانه وحاشيته وشهاداته ومركباته فنحن قد حكمت علينا ظروفنا القاهرة بعدم قدرة عائلاتنا على دفع رسوم مدارسنا فكيف جامعاتنا،فجيوبنا مقهورة ومثقوبة هكذا الدنيا يا سيدي الأمين فليس من المعقول بأن تكون المجتمعات كلها متعلمة فلو كانت هكذا لما وجد رجل مثلي يزيل القمامة ويتحمل عناء الروائح الكريهة والانغماس بالحاويات التي تقطنها القطط منذ ألاف السنين التي تفاجئنا بالتوحش والانقضاض على أيدينا حين إدخالها الحاوية الحديدية التي تقشعر لها الأبدان من شدة حرارتها صيفا وبرودتها شتاءا.والجوائز الزجاجية المتكسرة،،،حتى القطط يا سيدي مثل بعض البشر جوعانين هال أيام وأصبحوا متوحشين والجوع والطفر يولد يا سيدي القهر،،،،
فتصور لو يوما لا سمح الله شاءت الظروف وشعرت بالمرض يوما ماذا سيحل بالشارع الذي أقوم بتنظيفه ستقوم الدنيا وتقعد،،، فاوالله لولا وجودنا لافترستنا الجراثيم واستعمرتنا الأمراض واستباحت أجسادنا كل الفطريات والجرب المزمن والحكحكات والقشعريرة من المنظر المقرف المزعج للشوارع التي تعتبر من أنظف الشوارع على مستوى الدول المجاورة والدول العربية.
فنحن يا سيدي بشر لنا حقوق وعلينا واجبات مثلنا مثل جميع المواطنين فهل يوجد طريقة لتغيير اسم مهنتنا باسم جديد مثلا (حارس البيئة أو منقذ الأرواح أو عفن الليالي) أو أي مسمى وظيفي غير كلمة (زبال) والله وأنا أكتبها يا سيدي الأمين يتضخم قولوني ويرتفع ضغط دمي ليصبح 120 على 180 وهذا حالي فأنا يا سيدي لا أطلب يوما عالميا لعمال النظافة ولا وسام العامل المتميز ولا شعار النظافة المفرطة يوضع على صدري نيشان ولكني أطلب اليوم منكم سيدي الأمين زيادة بالمرتب والضمانات الممنوحة ورفع سقف التأمين الصحي ليتسنى لي ولزملائي الشعور بالأمن الوظيفي وذهابي مستقبلا لطبيب الأمراض النفسية فأنا يا سيدي الأمين بلشت أهلوس وقالت لي( الليدي أم عفاش) بأني أصبحت شارد الذهن واضحك بدون وعي وبحكي حاضر على كل شيء والمصيبة الكبرى يا سيدي عم بحلم أحلام غريبة (مرة بحلم إني رجل أعمال ومرة بحلم إني مراقب ومرة من المرات يا سيدي الأمين سامحني أمانة بس هاد كان حلم يا سيدي حلمت انك رفعتني لأصبح رئيس جمعية الموظفين الأقل حظا بالأمانة الجديد والله يا سيدي آسف من شدة الفرح أكلت الشرشف الوحيد اللي عندي ووقعت على الأرض وصحيت على الوضع الحالي لأطلب منك اليوم يا سيدي الأمين بإيجاد مكان لتغيير ثيابي لأني يا سيدي أقوم بتخبئتها كاللصوص تحت بيوت الأدراج ولو رأونا بعض السكان لوقعنا بالقيل والقال والخوف الأكبر بأن يعتقدون ولو للحظة بأني نشال وبصراحة أكثر خايف إنوا يفكروا ،، لا لا لا بس بلاش،،،،لا حول ولا قوة إلا بالله،،، هاذ اللي كان ناقص عشان يحكوا عني (زبال وعينه فارغة).
فلا يوجد لنا ماء ولا طعام فنحن نسترق المياه من أهالي الحي وبقايا الطعام من بعض الدكاكين.
لأنه لو فكرنا بشراء وجبة الفطور اليومية بظل هذه الظروف لتبخر الراتب من شدة غلاء الأسعار التي أحرقت جيوبي.
وأنا يا سيدي (بشتغل زي ما تحكي زبال والعيشة على قد الحال)
فالشتاء بالنسبة لنا صعب والصيف أصعب فلا راحة أبدا ولا جلوس والمراقبين بعضهم ما عنده ضمير ويعتقدون بأننا مثل الحمير التي تحمل أسفارها آسف للتعبير أي والله لو سمعونا الحمير لرفعوا علينا قضية تشهير.
فمتى تصبح مهنتنا تتطلب الواسطة للتوظيف ويتقاتل عليها جمعا غفيرا من الناس والخريجين ونصبح كالدول الأجنبية فالعامل عندهم لا يستخدم يديه ولا قفازاته فأوجدوا له لواقط تلتقط الأوراق وبقايا من النفايات عن بعد(بالريموت كنترول) زي ما تحكي يعني،،، ودخله يخوله لشراء منزل يتعايش به ويحميه من العوز والفقر. واللي أهم من هيك بيعطوه سيارة زبالة (سيفونير) إذا بقي مدمنا على مهنته،، فأصبحت يا سيدي أنا وبدون وعي وين ما بروح وحتى بعطلتي الأسبوعية اللي متنا ألف مرة عشان نأخذها بلاقي حالي وبدون وعي بلملم كل الأخطاء والمشكلات والنفايات البشرية اللي بشوارعنا اللي بدها تزفيت عن حق من الجور والمطبات اللي كسرت كل صنوبرصات جسمي وكسرت البككسات الأمامية والبيلية لصيتية الكلاتش والأكزوزت الخلقي عندي صار بطلع دخنة سودة يعني تحولت لرجل(بدي أفرهول) زي ما تحكي من الاهانات البشرية وشدة الاستفزازات ويبقون يهمسون ويتغامزون علينا يا سيدي وبصوت منخفض الله وكيلك يا سيدي بيحكوا علينا لما بشوفونا لابسين مثل الخلق (زبال ولابس اللي عالحبل) وأنا يا سيدي طيب وما بدي مشاكل وبدي اربي الأولاد ولو فكرت وبدي أجاوبه أو أربيه لحطوني بسجن الجويدة لكان هناك أكلنا هوى وهناك يا سيدي الله وكيلك ما يميزوا بين الرجل والمرأة لكان أكلناها بالدنيا والآخرة فنحن حقنا بصراحة مأكول من البشر والإنصاف زي ما تحكي شيء معدوم من بعض البشر طبعا وقبل ما أكتب ها الكلمات هاي حاولنا يا سيدي ندخل من البوابة اللي عندك لأنه سمعنا بسياسة الباب المفتوح بالأمانة بس المراسل الأزعر أقنعنا بأنه الزرفيل خربان عشان ما يشربنا كاسة شاي..
فنحن هنا يا سيدي أجسادنا مقددة ونتعربش بالمركبات المخصصة لنقل النفايات ولو تملصت أيدينا للحظة واحدة لمعستنا السيارات وخلصنا يا سيدي لنروح نصفي بعاهة مستديمة وإلا بشلل دماغي فأنا أقترح بوضع أحزمة أمان خارجية لضمان عدم قفز كرامتنا وكبريائنا من على المركبة المعدة للنفايات البشرية .فنحن نعمل يا سيدي داخل الأنفاق وهي بغاية الخطورة وعداك يا سيدي من بعض السواقين السرسرية اللي بموتونا من الخوف بزواميرهم الممنوعة دوليا لتراني يا سيدي بقفز مثل السعادين بالأنفاق لتروحوا تتهموني بالجنون اللاإرادي لا سمح الله والكل يعي هذا ومن فوق الجسور كالمظليين اللي ناويين القفز من الطيارة المعطوبة هربا من الانفجار الإنساني المرتقب لعامل هذا الوطن،،، وعداكم يا سيدي داخل الأنفاق والمشاهد المقززة لأعمال صبيانية من خرابيش ومن توسيخ. وغبر مناظر بعض الشباب والبنات اللهم عافينا ويسامحنا.
واشكوا إليك يا سيدي الأمين من أهل الحي من الكبير والصغير فالأطفال يكيدوني بقذف بقايا أكياس الشيبس وأوراق الامتحانات قبل العطلة الصيفية مثل الثلج المنهمر تكون بالنسبة لي أسوأ الأيام يقذفونها هالزعران بالهواء وأقوم بمطاردتها كالمظلي المحترف خوف مروركم بإحدى الشوارع ومش ناقصنا مشاكل وأنت فاهم علي يا معالي الأمين شو قصدي،،، والأهل هواة قذف النفايات من الأعالي يا بتصيب يا بتخيب والله يا سيدي لو وضعنا الهم رنجات باسكت بول لكانوا تدربوا عليها وكانت الأمور أحسن وجابوا(جول) بدل هذا الحال.لأن الناس عندنا بالبلد بتحب كرة السلة وأمنيح اللي ما بيعرفوا يلعبوا كرة قدم كان استوينا يا سيدي من (الشلاويط) من لعيبة المنتخب الهمجي للم العلب الفاضية وكان خسروا الدوري كالعادة.
وبعض السكان بدهم إيانا عتالين وزبالين ويا ويلنا لو تغيبنا عن وجه المراقب كان جلبنا لأنفسنا المتاعب
وبعضهم بدهم نكوشلهم حدائقهم والبعض الآخر بدوا ننظف له البركة الدائرية وبعضهم بدهم نبيعلهم أثاثهم وبقايا ثياب أكل عليها الدهر وشبع والبعض الآخر بدهم نأجر لهم بيوتهم والخ والخ والخ.
والبعض الآخر يا سيدي الله وكيلك بيقذفوا علينا الأكل المتبقي من العزايم الأسطورية اللي ما بترضى فيها الكائنات الأخرى ولا الحيوانات الضالة ولا براميل النفايات بحجة (مساكين هالزبالين وحابين يدخلوا الجنة على ظهورنا)
وبدنا يا سيدي جاكيتات للشتوية لأنه الشتاء على الأبواب وشرط يا سيدي مكتوب عليها إشارة (ممنوع الإهانة لموظف الأمانة) وبدنا خزائن حديدية لوضع ثيابنا ومستلزماتنا وأقنعة غاز حربية ضد الحروب الجرثومية من الروائح القادمة من بقايا الحروب الكيماوية،، وبدنا يا سيدي توضع لنا إشارات جديدة للمواطن مفادها (مشان الله ما تقذفوا النفايات على قارعة الطريق) أو (عزيزي المواطن لا تلقي قمع السجائر من شباك السيارة) أو( والله بزغل منك كثير كثير يا يا لزيز يا كوول ازا بتكب رابش هون،،، للطنطات الجدد ثانكس يا ألبي ) أو(احذر يوجد كاميرات مراقبة ودفع غرامات) أو(بعرض أختك يا أبو الشباب لا تكب هون والا بأخذ منك البنطلون) أو ببوس أيدك وببوس(،،،،،،) لا تلقي النفابات على الأرض يا إنسان.
وبدنا يا سيدي تمحي الناس من على ألسنتها كلمات غير حضارية فأوقات ينادونا (رجال الفضاء الخارجي ومرات ينادونا ميرندا حجم كبير) طيب خليها بيبسي أو سفن لأني ما بحب الميرندا.
وشكلي يا سيدي بدي أدبر واسطة محرزة وأشتغل مدير مكتب بأحدي الدوائر الغير حكومية لنحل هالقضية
وبدنا يا سيدي من الناس شوية احترام فنحن بالبداية والنهاية كلنا بشر ولم يتبقى لنا سوى الكرامة وأحاسيس كبقية البشر،،،، أشكرك يا سيدي الأمين على صبرك وحسن استماعك.
فأرجوك يا سيدي الأمين لا تأخذ كلامي بحساسية ولاقي لنا حل لهل قضية.
شكر خاص لعمدة وأمين عمان الرائع على موقفه الرائع تجاه زوجة عامل وطن ببرنامج بصراحة مع الوكيل وهذا المقال هو فقط للدعابة وشرح بعض المعاناة التي يعانيها عامل الوطن وكنها بأعماقه الشكر الجزيل لعمدة عمان الفاضل.مع خالص حبي واحترامي لعمال الوطن الأفاضل بكل المجالات فنحن جميعا عمال للوطن الغالي ولا فرق بين أي عامل إلا بحجم عطائه وانتمائه،،، يوفقكم جميعا لخدمة الوطن والمليك
الرجل البرتقالي والقادم من الفضاء الخارجي.
الداعي بالخير:
هاشم برجاق
18-9-2010