جال ببالي هذا السؤال وأنا أتابع مع الكثيرين تطورات قضية التشويش على الجزيرة, وكان منها أن الحكومة طلبت من الجزيرة إرسال الخبراء للتحقيق وهي مستعدة للتعاون, ثم قيام مندوب الجزيرة بتسليم الحكومة طلبا بالتحقيق, إلى تسليم الحكومة الرد الحكومي على طلب مندوب الجزيرة, هذه المداخلات والأرجحة لا تتم عادة إلا بين الدول. فهل أصبحت الجزيرة الدولة الثالثة والعشرين؟ وهل سنشهد انضمامها لمجلس الجامعة قريباً, لا بل هل يرتفع سقف الطموحات عن المنافحين عن الجزيرة ليصبح أملهم أن يًعينوا سفراء للجزيرة في بلادهم.
رغم المآخذ الكثيرة التي تُؤخذ على الحكومة السابقة إلا أن موقفها ما زال ناصعا أبيضا عندما ردح لنا (عفوا مارس حريته الصحفية) لنا على قناة الجزيرة الصحفي الكبير الذي ما زال يبحث عن الأضواء فلم يعد يجدها إلا على الجزيرة: لقد قال دولة السيد نادر الذهبي عندما طالبه الكثيرون بالرد قال \"إن هيكل ليس بحجم الدولة حتى نرد عليه\"\" , وكذلك إن الجزيرة ليست بحجم الدولة حتى نرد عليها الدولة. لها الحق أن تطالب بحقوقها بالطريقة التي تراها مناسبة ولكن ليس لدرجة أن يأتي مندوب الجزيرة ويمدد رجليه ليعطينا طلب الجزيرة بالتحقيق, وهو كذلك رغم احترامنا له كشخص أردني, لا يجب أن يحضر لوزير الإعلام لأخذ الرد الحكومي. لقد قال دولة السيد سمير الرفاعي عند بداية توليه الثقة الملكية أنه لا تخيفه الأصوات العالية, فما الذي نراه ونشاهده.
إن الجزيرة لا تتعدى كونها فضائية كباقي الفضائيات (بزنس) مع اختلاف البضاعة المعروضة لدى كل فضائية, فهذه ترقص وتلك تغني, وهذه تسحب أفلام وأخرى تبيعنا الأخبار؛ بمعنى آخر تمارس كل منها دورها بالتلوث . فهذه تلوثنا خلقيا بخلاعة ما تبث وتلك تلوثنا فكريا بما تبثه بين سطور أخبارها. وقبل أن يحتد المدافعون عن الجزيرة فإنني لا أنكر أنها حركت الأعلام العربي الذي ركد لفترة طويلة, وما عدا ذلك لا أرى لها دور إلا تقليب الشعوب على بعضها, وإلا فماذا نسمي أن ننبش أسرار أيلول ألأسود بعد هذه المدة, وماذا يفيد الأردنيين عند تذكيرهم بمن قتل وصفي, وأخيرا أخبار (سم) المرحوم جمال عبد الناصر.
وعودة إلى موضوع التشويش, فهو لا يضير الحكومة حتى ولو ثبت أنه من الأراضي الأردنية, وكما قال بعض الخبراء الذي ظهروا على الجزيرة أن التشويش ليس بحاجة لتلك التكنولوجيا المعقدة. فلو افترضنا أن هناك مواطنا لا تعجبه الجزيرة وأراد أن يمارس حقه بالرفض وشوش على الجزيرة فما هي مسؤولية الحكومة, وما هو ذنبنا نحن كقراء ومشاهدين. أن في الأردن من لا يلقي بالاً لما تبثه الجزيرة إلا من عتب الشقيق على شقيقه فقط. لقد كانت هناك الكثير من المواقف التي كانت توجب الإغلاق للجزيرة والمحاكمة لمندوبيها وليس التشويش فقط, ولكن الأردن ترفع كما هو دائما عن كل الصغائر ليبقى كبيرا دائما.
ختاما يبدوا أن عداد الجزيرة يسجل انخفاضا بعدد الزوار فأرادت الجزيرة أن تثير هذه الزوبعة, فمرة تتهم مصر والآن الأردن, واحتمال أنها ستتهم السعودية بعد ذلك, فهي لا يشغلها إلا مصر والأردن والسعودية, فقد أصبحت سياسة خلق الأزمات للفت الأنظار سياسات حكومية سابقا , ولكنها على ما يبدو أصبحت سياسات لكل المؤسسات باختلاف أنواعها.
alkhatatbeh@hotmail.com
alkhatatbah.maktoobblog.com