لسنا في الجوانب الدينية المتخصصة بمناقشين، رغم ان المولى سبحانه أمرنا بالتفكّر والإبحار في العلم والمعرفة، كما أننا لا نريد رص هذه الكلمات وحشرها في الزوايا الانتخابية، لكن شخصا مثقفا تقيا ورعا يتعرض لهجمة مبرمجة ومأجورة، وكل ذنبه أنه أشار إلى أن الرسول الكريم العربي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم مرَّ من هنا.
فمحمد النبي صلى الله عليه وسلم الذي رافق عمه أبي طالب في التجارة إلى الشام، وهو الذي عمل بالتجارة لصالح سيدتنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولما كانت الرحلة من الحجاز إلى الشام تمر عبر المنطقة، فلا بد أن النبي الكريم قد مر من الأردن، وخاصة إذا علمنا أنه لم يكن في زمنه من طائرات، ولا في المنطقة المعنية من بحار.
صاحبنا الدكتور محمد نوح القضاة "أبو غياث"، شاب نشأ في طاعة الله وترعرع في عرين التقوى، كيف لها وهو نجل العلّامة الفاضل الشيخ نوح القضاة المعروف في كل أصقاع الدنيا بالورع والأمانة والتقوى. وليس وقت ذكر مناقبه رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح الجنان.
محمد نوح هذا الذي قامت الدنيا عليه ولم تقعد في مرات متعددات، والذي يتعرض بين فينة وأخرى لزوابع غبارية حالكة كأنها دخان قطار الفحم الحجري، أثار ضجة كبيره بتصريحاته الأخيرة المتمثلة في أن نبي الأمة قد مر بالأردن، وأنه استقر به المقام لليلة في إحدى البلدات الأردنية المعروفة بالاسم "السُخنة" في محافظة الزرقاء بالمملكة الأردنية الهاشمية، وحيث توجد شجرة تفيأ ظلالها.
فأين المشكلة يا أصحاب الماكنات الإعلامية المدفوعة بأهداف متعددة، وأين هو الخلل في قولٍ لعلاّمة ابن علامة نهل من العلم نهلا حتى غاص في أمهات الكتب وبطونها، كيف لا وقد تربى في كنف الشيخ الجليل الراحل العم نوح القضاة، وتتلمذ على يديه ورافقه في مجالسه وبعض حِله وترحاله.
لكن أتعرفون لماذا ثار القوم ثورتهم العصماء هذه على ابن محافظة عجلون المتمثل في محمد نوح القضاة، نعم هو كذلك، وذلك لأنهم تفاجؤوا أن الجماهير الغفيرة والحشود الزاحفة التي تهرع لملاقاته تزيد في حجمها عن جماهير الراقصات في بعض المهرجانات الصاخبة في مواقع أخرى وتضاريس مختلفة.
ثم لأنهم أدركوا أن عشرات الملايين حول العالم صارت تستمع لمحمد نوح وتتحين الفرصة لمشاهدته وهو يتحدث بأبسط المفردات راسما أجمل الصور التاريخية بريشة الحاضر ويراع المرونة، بما يرافق ذلك من سلاسة في الحديث وحجة في المنطق.
إذاً، هي سحابة أخرى يا محمد نوح، فلا تقلق، فهي سرعان ما تنقشع، فكل الغيوم الحالكات الماضيات انقشعن إلى غير رجعة، ومعها انقشع المُولوِلون أيّما انقشاع. وليتهم قادرون على مناقشتك يا أبا غيّاث بالمنطق أو مقارعتك بالحُجة، فدعهم في طغيانهم يعهمون!
بقي القول، وأما إذا بدأ الطوفان وفار التنور، فاعلم يا محمد يا نجل نوح من آل القضاة الغُر الميامين، أن خلفك جيش عرمرم يأكل اليابس قبل الأخضر، فعندما تشتد الخطوب، يتوقف الزحف عن الحديث، حيث تكفيه الإشارة! فالحذراي الحذاري لكل من تسوِّل له نفسه الاقتراب من ساحة ابننا وفلذة كبدنا، موقنين أن محمد نوح نفسه قد لا يوافقنا على آخر سطورنا هذه.