قبل ايام قليلة جدا اصدر التنظيم الدموي خوارج العصر داعش مسكوكات مصنوعة من الذهب والفضة تحت شار (( شروق الخلافة وعودة الدينار الذهبي )) بقصد جعلها العملة المتداولة في تنظيم الدولة الاسلامية ، على اعتبار أنّها عملة الشريعة الشرعية التي استعملها عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في خلافته .
والهدف من هذا الاصدار هو خلق اقتصاد " اسلامي " اجرامي دموي يسند ويسير جنبا الى جنب مع حالة الاجرام التي يمارسها التنظيم ، فمن ذا الذي سيتعامل مع هكذا اقتصاد يقوم على السلب وقطع الطرق ونبش القبور بحثا عن الذهب كنزا ونهبا وسلبا . أنّ كيان الدول لا يصنعه الذهب ولا الفضة بقدر ما تصنعه الأخلاق والقيم النبيلة وحماية وحفظ الأنسانية وتقدير قيمتها التي لا تقدر لا بالذهب ولا بالفضة ، لأنّ الغاية العظمى من كل وسائل الاسلام وكل الأحزاب والتنظيمات الحقيقية الراقية وأحكامها أولا وأخرا هو التنمية البشرية والحفاظ على النقس البشرية من أجل ديمومة الحياة وحمايتها من كل المخاطر التي تتهددها ، وخلافا لذلك تفقد كل معنى لوجودها بل أن عدمها خير .
لم يكن التعامل بالدرهم والدينار من ابتداع الخلافة الاسلامية أو امّة العرب بل لقد استخدم في عصور سالفة وقديمة عند اليهود والمسيحيين وغيرهم من الأمم الكثير ، حيث سادت ظروف لم يكن يعرف الأنسان سوى هذه المعادن ولم يكن قد تطور الأنسان في سلّم الحضارة كما حصل اليوم ، قلم يكن يستخدم حينذاك في القتال سوى السيف والحمير والبغال واليوم يستخدم التنظيم كل وسائل الابادة البشرية ، ولا يستخدم الخيل والحمير والبغال والسيف والترس ، فمن باب أولى العودة الى ما استعملته خلافة الفاروق بدلا من القاذفات والقنابل والألغام والصواريخ التي يستعملها ويستوردونها من " الشيطان الأعظم " الولايات المتحدة اذا ما كانت قررت الدولة الغاء بدعة العملة الورقية وذهبت الى الوراء وتنفيذ المعاملات بالعملة الذهب ؟!
أنّ استعمال الذهب اليوم بدلا من العملة الورقية لا يجدي نفعا ولا يصنع كيانا ولا احتراما بين الامم اذا كانت سياسات الدول قائمة على القتل واراقة الدماء وسفكها وممارسة الابادة البشرية تحت شعارات زائفة ، هذا بالاضافة الى أنّ الناس تبحث عن أفضل بعد حضاري في تسهيل مهمة التعاملات ، فلا يمكن حمل الانسان لكيلوات الذهب وعتلها في اكياس من ذوات الخط الاحمر على اكتاف العبيد وعلى ظهور الحمير والجمال والبغال من أجل شراء سيّارة أو فندق أو شركة تقدر قيمتها بالملايين ، ثم انّ الناس اليوم تذهب الى الصّرافات في أي مكان في العالم ويستخدمون شيكات الصرف بأنواعها ويتعاملون فيها من أجل تسهيل مهمة البيع والشراء التي تجري ، بينما اتجهوا الى أبعد من ذلك في استخدام عمليات التحويل الالكترونية التي تجري في فضاءات عالية الدقة والسهولة في أقل من ثوان وبواسطة أزرار وأسرار وأرقام سريّة ، فكيف سيعمل التنظيم على تسهيل مهمة شراء أسلحة الدمار التي يستخدمها للقتل والدمار بدنانيره الذهب والفضة ؟!
يقدّر الخبراء انّ حجم وكميات التعاملات التجارية التي تجري في مناطق نفوذ التنظيم كبيرة للغاية حيث يصعب على التنظيم توفير كلّ كميات المعادن لصك عملته لتكون العملية برمتها من ضروب الخيال والأوهام , وأنّ كل ما يتم الأعلان عنه من صك بعض العملات منذ أكثر من عام ما هو الا لخداع الواهمين والمغمورين والمضلّلين وللدعاية فقط ، وان مسكوكات النظام المزعومة ليست سوى قطع تذكارية لا أكثر ، إذ أن قيمة العملة المتداولة ستقارب 15 مليون دولار فقط في سوريا والعراق ولن تستطيع تغطية السوق المحلية بعمليات تجارة الأسلحة والنفط وحدها ، وللحديث بقية . اعتقد ان الحق أغرّ أبلج كفلق الصبح وأنّه مهما بلغت قدرة التنظيم على الكذب والدعاية والتزوير وربط صورته بالاسلام لكنه لا يمكنه من الصمود أمام قوة الحق والحقيقة ونصاعة الاسلام وسماحته وعظمته ، فليعودوا الى رشدهم وليتوبوا من ضلالاتهم .