زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تنشغل النخبة السياسية في الأردن مبكراً بتركيبة ما بعد يوم 20 من الشهر الجاري حيث ستجرى انتخابات برلمانية وصفها وزير الاتصال الناطق الرسمي محمد المومني أمس الأول بأنها ستكون «تاريخية».
«التركيبة» هي المفردة التي تصرف في الأردن عندما يتعلق الأمر ببورصة أسماء المسؤولين النافذين الذين سيتغيبون او سيواصلون مسيرة الوظيفة العليا مع الحكومة الجديدة التي ينبغي ان تولد وتطلب الثقة من البرلمان الجديد.
مبكراً من المرجح ان رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي سيشكل طاقماً جديداً لإدارة ا لمرحلة اللاحقة خلال أيام بعد البرلمان الجديد في انتخابات مثيرة جداً وساخنة الأجواء ستنتهي بقفز الإخوان المسلمين للواجهة مجدداً. لاعبان مخضرمان يتوقع ان يغادرا مسرح صناعة القرار في الوضع الجديد بعد ولادة البرلمان، هما وزير الخارجية ناصر جوده المبتعد تماماً عن الأضواء هذه الأيام ووزير الداخلية سلامه حماد الذي لا تربطه كيمياء إيجابية برئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي .
ورغم ان الوزير حماد أكد مباشرة لـ «القدس العربي» بان علاقته العملية والسياسية بالرئيس الملقي أخوية وتعاونية ولا تشوبها أي شائبة إلا ان المقربين من الملقي نفسه يؤشرون إلى نقاط خلاف ظهرت اثناء العمل خلال الأسابيع القليلة لتشكيل الحكومة قد تنتهي بابتعاد الوزير حماد ضمن توليفة جديدة تطهى على نار هادئة ووظيفتها ستكون ملاعبة ومواجهة برلمان بنهكة الإسلاميين .
يتردد في السياق ان ملاحظات مباشرة وجهها الملك عبدالله الثاني شخصياً خلال زيارته الوحيدة لمجلس وزراء الملقي تضمنت تقديم الدعم والإسناد لرئيس الوزراء الذي يتصرف بعض افراد طاقمه على اساس ان حكومته مؤقتة وعمرها قد لا يزيد عن أربعة أشهر .
فرصة البقاء والاستمرار وتشكيل وزارة بطاقم جديد برئاسة الملقي تبدو مرجحة لسببين برأي مراقبين أساسيين .
الأولى هي انه لا يمكن «تضليل الملقي» او الاستعراض عليه فيما يتعلق بما يجري في مؤسسات سيادية اساسية من بينها القصر الملكي واحد الوزراء أبلغ مباشرة «القدس العربي»، «الرجل يعرف ما الذي يجري فوق» وأضاف: لا يمكن تمرير اي إستعراضات في حضنه بناء على توجيهات من الجهات العليا لأنه الأقرب في التواصل مع تلك الجهات العليا.
هذه الوضعية تسمح للملقي بتقدم الصفوف لتشكيل وزارة جديدة بعد الـ20 من الشهر الجاري وبالتالي تمكينه من معالجة أخطاء وعثرات «الحقائب» التي وقع فيها عندما شكل حكومته قبل ثلاثة أشهر بسبب المفاجأة وعنصر المباغتة والرغبة في ولادة الطاقم بدون تعقيدات وعلى أساس «إرضاء» جميع مراكز الثقل، الأمر الذي قد لا يتكرر في التركيبة الجديدة.
لاحظت «القدس العربي» نوايا البقاء لفترة أطول من التوقعات العامة عند الملقي عندما سألته خلال مقابلة خاصة لم تخصص للنشر عن سبب تغييره لشكل الجلسه في مكتب رئيس الوزراء بالنسبة للضيوف فعلق قائلا: إذا كان هذا موضوع يستحق إستفساركم فعلا، نعم لقد غيرت طبيعة المكتب، ثم أضاف: المهندسون يبحثون عن الضوء من أجل القراءة والكتابة.
في كل الأحوال يدخل الملقي بتسلل منهجي بطيء للملفات الأساسية خصوصاً الملف المصري ونظيره السعودي وهو امر يعكس إستنفاذ محتمل لمهام الوزير العتيق للخارجية ناصر جوده حيث يعتقد انه قد يخدم في موقع آخر وان وزيراً جديداً بخلفية «إقتصادية» للخارجية مسألة قد تكون في دائرة الإستحقاق ومن الموجودين مع الملقي لا يوجد مرشح محتمل تنطبق عليه المواصفات سوى وزير التخطيط القوي الحالي الدكتور عماد فاخوري.
طبعاً ستغيب اسماء في الحالة الجديدة وقد تبرز وجوه جديدة لكن التساؤل مستمر حول الإضافة النوعية التي حققها نائب رئيس الوزراء والرجل الثاني وصديق الملقي الشخصي الدكتور جواد العناني الذي يدير ببطء فيما يبدو المطبخ الاقتصادي للحكومة ويسترسل في تبشير الأردنيين بأيام صعبة تنتظرهم .
يصف وزير بارز في الحكومة امام «القدس العربي» الوزير العناني قائلا: نشيط جداً ومبدع، لكن فقط عندما يستيقظ، المقصود أن العناني الذي غاب لعقدين عن القطاع العام يعمل بالقطعة ويثق مسبقاً بأن وجوده في موقعه قد يكون مجرد مرحلة مؤقتة.
من نافلة القول الإشارة إلى ان حكومة جديدة في الأسبوع الأول بعد تشكيل البرلمان الجديد يعني بالمقابل تغيير أكثر شمولاً في العديد من المواقع المتصدرة والأساسية سواء في قيادة الطاقم الأمني او الاستشاري او حتى في الديوان الملكي بعد تلك الانتخابات «التاريخية» على حد تعبير المومني أو التي ستجري بكل نزاهة تماماً كما أمر رأس الدولة وفقاً لرئيس الهيئة المستقلة للانتخابات الدكتور خالد كلالده .
القدس العربي