.. بالأمس كنت أجول في شوارع عمان وقد بدأ البعض وبشكل مخالف أصلا لقانون الانتخاب البدء بالحملة الإعلانية لنفسه قبل حتى تقدمه للترشح ، وقلت لنفسي هذا أمر طبيعي في بلادنا لأن أخر ما يفكر به المرشح هنا هو احترامه للقانون وتعليمات الحكومة حيال فترات الحملة والالتزام بها ، وقلت لنفسي ان لم يحترم هذا المرشح قانون الانتخاب وأدار له ظهر المجن وأعلن بنفسه بدء الحملة الانتخابية قبل موعدها بأسبوع على اقل تقدير فهل يمكن لمواطن أن يثق بقدرة وكفاءة هذا المرشح والتزامه بالقانون وبكل قوانين وأنظمة إدارة وتسيير المؤسسات !! ومن ثم كيف يجروء هذا المرشح على مخالفة القانون دون أن توجه له ولو مجرد ملاحظة من قبل الحاكم الإداري الذي يبدو انه هو الأخر لم يحرك ساكن لوقف تلك التجاوزات القانونية وبالتالي سيضعف هذا كله العملية الانتخابية برمتها وثقة الناس بها ، لأن غض الطرف عن تلك التجاوزات يشير إلى إمكانية غض الطرف عن تجاوزات أخرى هللت الحكومة وغلظت الحديث في متابعتها وملاحقتها وخاصة ما يتعلق منها بشراء أصوات الناخبين أو غيرها من تلك التجاوزات !
وعلى صعيد أخر ، فأن تجاوز القانون لم يكن هو الشاق على القلب بقدر ما كانت تلك الشعارات التي يطرحها البعض على يافطات إعلاناته والتي تتحدث عن محاربة البطالة والفساد والتمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحق العودة ورفض التوطين ! فتجد أن يافطات الحديث عن حق العودة تنتشر فقط في المناطق التي يقطنها أغلبية أردنية من أصل فلسطيني وتكاد تختفي من المناطق التي يقطنها أردنيون من مختلف العشائر والمناطق وكأن أبناء الأردن لا يأبهون بحق الشعب الفلسطيني في العودة وبناء دولته الفلسطينية الحرة !! وتنتشر في مناطق عمان الغربية يافطات الحديث عن حقوق المرأة والتمييز والعدالة والمساواة في محاولة لكسب الصوت النسائي في تلك المناطق وغيرها فيما تنعدم تلك اليافطات في المناطق الشرقية من عمان !
العجيب والغريب من كل هذا أن يعلن البعض وبشكل غير لائق ومكشوف جدا ويعلن نفسه مرشحا للحركة الإسلامية !! التي يتفق الناس أنها اتخذت موقف المقاطعة بل ويمتد في غيه بصورة فوتوغرافيه ملتحيا خاشعا أمام صورة للأقصى أو قبة الصخرة ومرتديا العمامة البيضاء أو ألكاب الأخضر الخاص بحركة المقاومة الإسلامية في غزة ويطرح شعارات الثورة الفلسطينية التي تبدلت وتغيرت منذ عام 1974 وكأن لسان حالهم يقول أنهم لم يصلوا بعد في قراءتهم إلى اتفاقيات أوسلو والمفاوضات المتعددة والمباشرة وغير المباشرة في محاولة يائسة لاستمالة الأغلبية العظمى من سكان إحدى مناطق شرق عمان ذات الأغلبية الأردنية من الأصول الفلسطينية التي تدرك بكل وعي وتبصر عميق كل ما يجري وان عقلها ليس موجها من احد ، وان مثل تلك الشعارات لا تجد لها في نفوسهم ترحيبا .
أسوق كل هذا لأقول ان التزييف والكذب وتزوير الحقائق ورفع الشعارات الخادعة ما هو إلا تضليل للناخبين الذين نستجدي أصواتهم ، لم نحترم عقولهم ونستغل بكل فجاجة وبإصرار همومهم وأحلامهم ونعلنها شعارات عمل للبعض ممن قد يغادر المكان الذي انطلق منه إلى مرابع المناطق الحضارية في العاصمة كما فعل الكثير ممن سبقوهم ، كيف لنا أن ندعي الرغبة و القدرة على تمثيلهم والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم ونحن نمارس بحقهم أسوأ سلوك التزوير والخداع والكذب !!!
لا بد أن شعبنا يدرك هذا كله ، فهو الأقدر على تمييز الصواب من الخطأ ، فما ينفع الناس يمكث في الأرض .