الحمد لله الذي انعم علينا بنعمة العقل... الحمد لله الذي انعم علينا بأننا أبناء الأردن نؤمن بقضاء الله وقدرة... الحمد لله الذي جعل فينا من يقول كلمة الحق رغم صعوبة قولها في أيامنا هذه.
أمّا وقد استفاقت عجلون بعد كارثة الثلاثاء... فقد تعالت الأصوات من شمال الأردن حتى جنوبه، ومن شرقه حتى غربه، لضرورة وضع حدّ لمثل هذه المجازر فعلا لا قولا... ولكن وعلى الرغم من مرور حوالي خمسة أيام على وقوع الحادثة الكارثة ، فإنني لم أرى أو ألحظ أو أشاهد أي إجراء احترازي بسيط من قبل رجالات الشرطة أو السير أو أي جهة أخرى للحيلولة دون وقوع مجزرة جديدة. لم أرى شرطيا يعمل على إيقاف قلاب أو شاحنة ... لم أرى من يحاول تفحّص مدى صلاحية الفرامل والكوابح لسيارة شاحنة محمّلة بالرمل أو الحجارة قبل النزول هبوطا إلى مقعّر عجلون وصحن ساحتها.. لم أجد من يحاول تخفيف هول الصدمة على أبناء عجلون بإجراء ولو بسيط يشير إلى عزم حكومتنا الرشيدة على وضع حد للمشكلة.
نعم أيها القوم... إن أحوج ما هو مطلوب لأبناء عجلون ممن شاهدوا هول الحادثة هو مصحة نفسية لولا إيمانهم بقضاء الله وقدرة... لقد اثبت أبناء عجلون بهمتهم يساعدهم بعض رجالات الشرطة والدرك والدفاع المدني، بأنهم أهل للنخوة العربية الأردنية الخالصة.
كم كنت أتمنى على حكام عجلون الارتقاء إلى مستوى المسئولية في التخطيط والتنظيم في مجالات السير والمرور والتعامل مع الحوادث الطارئة ومشاكل البشر حفاظا على سمعة وعزة وكرامة هذا الوطن... كم كنت أتمنى أن يشرك القطاع الخاص من أبناء عجلون من أصحاب الفكر والاختصاص في حل مشاكل مدينتهم ومحافظتهم، ولكن ما نراه هو سلسلة من عمليات تجاهل للفكر وصحاب الفكر الخلاق.
لم ولن ادعي بأنني صاحب فكر وعبقرية بقدر ما أنا إنسان عادي عربي أردني من قلب عجلون حب عبدالله ابن الحسين وال هاشم الكرام...لقد كتبنا وكتب غيرنا في مواضيع عدة...لم نترك شيئا لم نتحدث به عبر صحافتنا الالكترونية بدءا من مسجد عجلون الذي تعطل لسنين ليتمخض أصحاب التخطيط والإبداع في المحافظة والأوقاف والبلدية بعملية ترميم بائسة للمسجد ، مرورا بالوضع المروري في عجلون وإشارتها الضوئية وصولا للنقاط السوداء على الطرق. ولم يكن قطاع السياحة إضافة للكثير الكثير من قضايا عجلون بغائبة عن أقلام العديد من الكتاب وأصحاب الرأي، وكان القاسم المشترك فيها جميعا هو تطنيش وتهميش عجلون من قبل المسئول.
لقد أُهمل الكثير الكثير من قضايا عجلون رغم نداءاتنا وصرخات مواطنينا ، والغريب أن المسئول لم يعد يسأل عن هموم المواطن ، لا بل بدا المسئول همّه الأول محاربة كل من ينطق بكلمة نقد أو يشكي أمره ولو لله، حتى بتنا نعتقد أن هولاء المسئولين في عجلون يتلقون إيعازا من مسئوليهم في الحكومة، بان \"ضعوا في آذانكم طينا وفي الأخرى عجينا \" \"وليركب المواطن أعلى ما في خيله\" وليفعل ما يشاء .
لقد وقع المحظور ولا يمكن لنا أن نستبعد وقوع مجزرة جديدة في أي لحظة ولكن... أين ردة فعل المسئول؟ وما هي الإجراءات الاحترازية الفورية المتخذة لا سيّما وأننا لا زلنا نرى القلابات والشاحنات ذات الحمولة الزائدة تسير بسرعات جنونية تتجاوز سيارات التاكسي مسرعة نحو المجهول دون حسيب أو رقيب.
يا من تقومون على تنفيذ القانون أناشدكم بالله تحكيم ضمائركم وردع المتجاوزين للقانون.. أناشدكم بان يكون حادث الثلاثاء عبرة ودرس نعمل من خلاله للحد من وقوع حوادث مماثلة والحلول ليست بصعبة. فقد سبق وان طرحت عبر صفحات هذا المنبر الإعلامي في مقالة سابقة بعنوان (عجلون .. مجزرة مرورية نتاج سوء تخطيط وإدارة). لقد طرحت حلولا جميعها قابلة للتحقيق في الوقت الذي أتمنى من كل صاحب فكر أو فكرة الإدلاء بدلوه متذرعا إلى الله أن يهدي المسئول إلى جادّة الصواب والرشاد وان يستمع من كل صاحب فكر أو فكرة تساهم في منع حادثة مماثلة لا سمح الله.
لقد كتبنا وها نحن نحث كل عجلوني وأردني غيور أن يضغط على أولئك الذين يقبعون على كراسيهم للعمل على ما فيه مصلحة عجلون والوطن.
إنني إذ اكتب فإنني استغرب كل هذا... استغرب قيام دورية شرطة باعتراض كل سيارة\" كيا أو هيونداي\" للتأكد من قيامها بتحميل ركاب بالأجرة ، ولا تعمل هذه الدورية الشرطية على التأكد من صلاحية شاحنة أو قلاب أو تنك ماء متجه نحو قلب المدينة.... ماذا كنا لتفعل لو كانت عجلون بساحتها وشارعها الوحيد اليتيم بأكبر من ربع كيلو متر مربع واحد؟ !!!... ماهي إجراءات محافظ عجلون ومدير شرطتها وكافة دوائرها المعنية فيها لو كانت ساحة عجلون بمساحة كيلومتر مربع واحد؟!!! هل كنّا سنستعين بقوات للأمم المتحدة لتنظيم السير فيها؟!!! هل كنّا سنشرك دول الجوار للتفكير معنا في سبل منع وقوع مجزرة في عجلون وساحتها؟!! هل نحن في طريقنا للعبرة مما حدث ونعمل لأجل منع مجزرة لن تكون ضحاياها بأقل من ألف من الأبرياء ، ام أننا نسينا وتناسينا حادث الثلاثاء الأليم؟!!!.
أي فكر هذا.... أي برودة أعصاب هذه تلك التي لا تحرّك لدى المسئول ساكنا... ألا تعلمون يا قوم بان حادثة الثلاثاء الماضية كان فيها لطف من الله كبير ؟ ألا تعلمون بان هذا الحادث لو حدث في الفترة بين الساعة الواحدة والنصف ظهرا والثالثة والنصف مساء لكان عدد الشهداء بالآلاف؟ ألا تعلمون بان ساحة عجلون - مكان الحادث المجزرة - يكون أشبه ما يكون بمكان نفرة حج أو يوم محشر في مثل هذه الساعات؟ ألا تعلم أن طلاب وطالبات والمدارس وكليات المجتمع والجامعات إضافة للموظفين والموظفات والمواطنين والمواطنات يتجمعون في مساحة اقل من كيلو متر مربع يتسوقون وينتظرون وسائط نقل حيث سكناهم؟ ألا تعلمون أن من لا يدرك حقيقة واقع الأمر في عجلون بمجمع سياراتها وساحاتها وطرقاتها ووضع السير والمرور فيها، هو ليس منها ولا هو فيها!!! .
إن العمل على إيجاد حلول سريعة وفورية لتلافي تكرار مجزرة عجلون يجب أن يبدأ فورا...فوضع دورية في بداية منحدر عجلون في منطقة النقب قرب مديرية الشرطة ودورية أخرى في منطقة رأس القبر في ظهر عنجرة – مثلث القاعدة – لا يحتاج إلى ندوات ومحاضرات ودراسات ونظريات \" وفزلكات وعنتريات \" وبطولات لا تغني ولا تسمن... إن اقرب طريق الفوز برحمة الله وحب الوطن ولاء وانتماء، أن نعمل بروح مخلصة لله والملك والوطن وان نعمل سويا لأجل منع وقوع كارثة جديدة ودمتم.
thabetna2008@yahoo.com