زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - في الواقع لا يوجد عمل جماعي حقيقي في الإنتخابات الأردنية حتى قبل اسبوع فقط من موعد الاقتراع المقرر فالقوائم لا زالت وهمية باستثناء نادر في محيط البلقاء والمعارضة الإسلامية والحملات بقيت «فردية» والجديد تماماً في الموسم الحالي هو أن «الأصوات» اليوم في اغلبها في بطن «كشوفات المندوبين».
لعبة «المندوب» أو«المفتاح» في الساحة المحلية اليوم هي الأكثر إثارة فالسباق في العديد من الدوائر الانتخابية الكبيرة ليس بين المرشحين ولكن بين «المندوبين».
وهم طبقة تشكلت للإتجار في الأصوات إجتماعياً ومالياً عبر كشوفات تسلم للمرشحين عن مقترعين مجهولين وغامضين لا يتحدث معهم المرشح. صفقات ما يسميه رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات الدكتور خالد كلالده بالمال الأسود تنجز هنا من وراء ظهر المقترعين والسلطات وبمعيار لا يمكن اعتباره مخالفاً للقانون او حتى «ضبطه متلبساً».
يبدو ان ظاهرة المندوبين والمفاتيح هاجمت بقسوة دوائر إنتخابية عريضة ومشهورة في عمان العاصمة والكرك مثل الدائرتين الثالثة والأولى حيث يدفع مرشحون ملايين الدنانير مقابل التمتع بالجلوس على مقعد برلماني لا يقدمون فيه شيئاً في الواقع للأمة او للوطن والناس.
تظهر المؤشرات نفسها في مدن مكتظة مثل الزرقاء وفي الكثير من المناطق الناشطة إنتخابيا في الأطراف والمحافظات ومن المرجح انها طالت الإجماعات العشائرية وبعض الأوساط القبلية.
بطبيعة الحال وحسب إقرارات تقدم بها لـ»القدس العربي» أحد المرشحين البارزين الحديث في التصويت يتم مع المندوبين والمفاتيح وليس مع المقترعين مما يكرس القناعة التي أطلقها مبكراً رئيس مجلس الأعيان السابق والمخضرم طاهر المصري بان القوائم وهمية.
لا يوجد ناخب حقيقي، مجرد أسماء بأرقام وطنية ضمن كشوفات يتجول بها المندوبون حتى تبدأ المفاوضات وما أن تبدأ المفاوضات على كلفة نقل او تأمين هذه الأصوات حتى يضمن المرشح الذي يتمكن من الدفع بكل حال وجود مندوب بكشف وليس بأصوات حقيقية في الجيبة.
في الكثير من المواقع والدوائر الانتخابية يتطلب إنجاز اي ترتيب او صفقة إنتخابية بين المرشح المليء مالياً والمندوب او المفتاح وجود طبقة من «البلطجية» وظيفتها السهر على الإلتزام بتطبيق الإتفاق يوم الاقتراع.
يفسر ذلك سبب وجود فئات متعددة من الذين يطلق عليهم المجتمع وصف «بلطجية» وبصورة علنية في مقرات الانتخاب او ضمن مرافقي المرشحين بوظيفة «حراس مقر او حراس شخصيين» خصوصاً بعد الاعتداء الجسدي فعلاً على مرشحين عديدين خلال العرس الديمقراطي.
حصل ذلك فعلاً في إعتداء مسلح مباشر وعبر الرصاص على سيارة أحد المرشحين في دائرة عمان الأولى ودخل احد المرشحين في المفرق شرقي البلاد للمستشفى بعد ضربه من قبل مجهولين. واعتدي على مرشح ثالث في الكرك ورابع في الزرقاء ومزقت يافطات وصور وهوجمت في حالتين على الأقل مكاتب ومقرات انتخابية.
نشطاء على فيسبوك استفسروا عن سبب ظهور طبقة من مفتولي العضلات وحراس الأندية الليلية في محيط مقر أحد المرشحين في دائرة عمان الأولى واحد المرشحين في الدائرة الثالثة لعمان والأولى في الزرقاء قاموا بتوظيف طبقة من الحراس.
بالتزامن ظهر مسلحون بكثافة خلال إفتتاح مقر لأحد المترشحين بالبادية الوسطى واعلنت الشرطة انها ستعتقل كل من أطلق النار لكنها لم تفعل كما ظهر مسلحون برشاشات في شريط فيديو خلال إستقبال احد المرشحين في الرمثا شمالي البلاد ولم تتحرك السلطات.
هذه الحوادث الأمنية لم تكن تحصل في الماضي وسجلت رسمياً وقيدت ضد مجهول.
لكن في قناعة السلطات المختصة سببها الحراك الناشط للمندوبين واستعانة مرشحين أثرياء بقوى عضلات من الشارع وخلافات على الأرجح ذات طابع مالي خصوصاً وأن طبقة المندوبين والمفاتيح تكتسب لأول مرة حضورها القوي بسبب ندرة المقترعين وعدم وجود روافع مضمونة للفوز عند غالبية المرشحين السابقين.
وظيفة الحراسة في الواقع غطاء لأن الوظيفة الحقيقية مشاهدة الترتيبات مع المندوبين والمفاتيح والعلم بها والتكفل بمتابعة من يعد بكشف ولا يلتزم خصوصاً وان اي مندوب حقيقي يملك فعلاً قوة التأثير على أصوات من جماعته وأقاربه او جيرانه يستطيع البحث عن مرشح أفضل في حال عدم الاتفاق. لذلك يتحدث المندوبون باسترخاء ويتكفل مرافقون للمرشح بتدشين الإيحاءات حول ضمانات قبل دفع ما يسمى مالياً كغطاء كلفة النقل.
القدس العربي