زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يغادر السياسي الأردني العتيق والعجوز المخضرم الدكتور عبد السلام المجالي منطقة الحيرة والتساؤل التي يعيش فيها كثيرون من أقرانه وهو يطلق «تنهيدة سياسية» مع عبارة يقول فيها ..»أنا لا يسألني ..أحد عن شيء».
استفسر أحد الفضولين مجدداً قبل عدة أيام من المجالي عن تنسيقات محتملة سبقت زيارته الأخيرة والمثيرة للضفة الغربية ولقاءه نخبة من أركان وقادة السلطة الفلسطينية.
نفى الرجل حصول اي تنسيق وأعاد التذكير بأنه مهندس وموقع اتفاقية وادي عربة ورئيس وزراء ووزير ومؤسس جامعات وأحد القلائل الذين أسسوا الخدمات الطبية في القطاعين العام والعسكري.
رغم كثرة الألقاب والأوصاف والخبرات التي يحملها البروفوسور المجالي لا يشارونه ولا يسأله أحد عن أي ملف على المستوى الرسمي . المقصود طبعاً ان مؤسسات التشاور في طبقة الحكم لا تشرك المجالي بأي نقاشات لها علاقة حتى بالملفات التي يقر له العالم بخبرته فيها .
لا يجلس المجالي وحيداً في منطقة «الصمت والتعليق» فقبل أيام أوضح رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت وهو مثقف بيروقراطي معروف بأنه لا يدلي برأيه السياسي بالقضايا المطروحة ولا يتحدث .
الكاتب السياسي في صحيفة الغد محمد ابو رمان التقط مفارقة البخيت ونشر مقالاً تحدث فيه عن «صمت النخبة» وعن الأسباب التي تدفع كبار السياسيين والخبراء لعدم المشاركة في الحياة العامة والسياسية .
البخيت فيما يبدو ومن ثلاث سنوات ورغم انه عضو فاعل في مجلس الأعيان لا تجري معه لقاءات خاصة مع كبار المسؤولين الحاليين للاستفادة من خبراته.
من المرجح ان المخضرم طاهر المصري يؤشر وبقسوة إلى المفارقة نفسها وهو يعلن بان كبار الشخصيات الخبيرة في البرلمان والتشريع يتجنبون المشاركة في الانتخابات العامة خوفاً من «التزوير».
المصري نفسه تناقش مع «القدس العربي» مرات عدة في تلك المسافات التي يشعر بها كبار اللاعبين السياسيين من الماضي مع النخبة التي تدير الأمور حالياً .
حتى عندما اقترح بعض الرفاق على المصري مقابلة رئيس الوزراء الحالي – هاني الملقي- للاستفسار عن سبب عدم ترخيص جمعية خيرية لدعم صمود اهل القدس لم يظهر الرجل اي حماس للمسألة . وفقاً لملاحظة أبو رمان قد يكون عدنان أبو عودة المثقف السياسي الوحيد من نخبة الماضي الذي لا زال يدلي برأيه ويتحدث بنشاط في المنابر العامة .
أبو عودة نفسه لمح على هامش نقاش سياسي حول ملفات إقليمية مع «القدس العربي» إلى أنه لا يعرف «الشباب» الذين يديرون الأمور الآن ومن الواضح انه لا أحد في هرم السلطة يفكر ولو لحظة في استثمار أو حتى توظيف خبرات مفكر معترف به دولياً من حجمه .
ومن المرجح ان المعايير نفسها تنطبق على ابرز شخصية أردنية حظيت ولا زالت بمواقع دولية وهو المستشار الدكتور عون الخصاونة الذي يدعى لمحاضرات ونقاشات في سلسلة من أهم وابرز جامعات العالم ومؤسساته العلمية والقضائية بدون ان يحصل شيء مماثل معه في بلاده وبين جمهوره وشعبه . رغم فارق الخبرة والشخصية والاتجاه السياسي كثرت التسريبات مؤخراً حول الانزعاج من تحركات وانتقادات حريصة ووطنية تبرز من وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر.
لكن المعشر وعلى هامش لقاء تماعي قبل اشهر اجاب على استفسار مماثل لـ»القدس العربي» مشيرا لإنه ومن ثلاث سنوات لم تطلب منه اي إستشارة ولم يقابل أحداً في هرم المسؤولية بعدما كان من أركانها طوال سنوات.
ظاهرة عزوف وغياب الطبقة المخضرمة من رجال الفكر والسياسة والدولة في الأردن اصبحت لافتة جداً لأنظار الجميع واللافت أكثر هو التزام بعض عناصر هذه الطبقة الصمت وهو إعلان سياسي بامتياز وذو طابع احتجاجي على تغييب او إقصاء او غياب لا يميل المعنيون ترفعاً للتحدث عنه.
القدس العربي