منذ الاحتلال الفارسي لدولة الأحواز عام 1925 ، والاحتلال يسعى ضمن مخطط محكم إلى تفريس المجتمع الأحوازي وإبعاده عن محيطه العربي،وبث الثقافة الفارسية كبديل عن الثقافة العربية و الوطنية الأحوازية.
استطاع الأحوازي من مقاومة مشروع التفريس بالتمسك بثوابته الوطنية و ثقافته العربية ابتداءً بالزي الرسمي و مروراً بالعادات والتقاليد و اللغة.
و توقفاً عند اللغة العربية فأن المحتل الفارسي يفرض سياسة عنصرية منذ الاحتلال ولليوم بمنع تدريس اللغة العربية في جميع المدارس و لجميع المراحل حتى الجامعية، وكما يفرض المحتل على الأحوازي التعامل مع المؤسسات الرسمية والشعبية استخدام اللغة الفارسية كلغة رسمية لا بديل لها.
مظلومية الأحواز لم تتكرر في التاريخ والسياسة العنصرية الاستعمارية تمادت كثيراً في الأحواز وذلك لأسباب عديدة من أهمها عدم وجود طرف يتبنى مقاومة الأحوازي و تصديه للمنهج الاستعماري .
استطاع الأحوازي بتفكيره و سلوكه الجمعي من تحدي سلطة الاحتلال الفارسي و الولوج بالنهج المقاوم معتمداً على مقدرته الذاتية وعلى تطوير أدائه بما يخدم قضيته ، وان كان فعله المقاوم محكوم بشروط حجم القمع والتنكيل و محاط بحصار سياسي وثقافي واقتصادي و اجتماعي وعدم وجود حاضنه عربية أو امتداد مجتمعي عربي يدعم الحراك المقاوم، وفي كل هذا وفي سياقه المشروط استطاع الإنسان الأحوازي من تطوير الفعل الذي انسجم مع التطلع والإمكانيات تحديداً.
واستطاع الإنسان الأحوازي من التطور في طرح قضيته و تحديد إطار هويته الوطنية محافظاً على امتدادها الحضاري، و تأتي حملة "الدراسة بلغة الأم حقي" وتحت عنوان "لغتي – هويتي" لتكون فعلاً مقاوم يوجع العدو وينتزع منه الحقوق ويجبره على التراجع خطوة ، وتشكل الحملة مع ما حصلت عليه من التفاف شعبي أحوازي في الداخل استمرار للفعل النضالي الذي يعد امتداداً للحملة التي أطلقت في يوم اللغة العربية والتي كانت ذي صدى وطني كبير.
تمسك الأحوازي بهويته الوطنية و امتدادها الحضاري و إحياء مورثها الثقافي يدلل بما لا يدع مجالاً للشك أن الإنسان الأحوازي متطور بفعله وسلوكه وقادر على أن يكون منفرداً بمواجهة عدو الأمة وقادر أن يسقط المشروع الفارسي ، وقادر أن يسرع في هذا كله إذا ما توفرت له الظروف الموضوعية.
و مما لا شك فيه أن الكيان الفارسي المحتل وخلال عقود طويلة استطاع أن يروض ظاهرياً المجاميع الأحوازية اعتماداً على إقصاء الهوية الوطنية و امتدادها التاريخي والتراثي ، إلا أن التراكم النضالي للشعب الأحوازي وصقل خبرته من خلال عقود من التفاوت بين فهم علاقته العربية بمحيطها استطاع أن يبني تجربته الخاصة وفي ظل كل حالات الشذوذ الفكري والسلوكي المجتمعي التي حاول الكيان المحتل زراعتها في المجتمع من خلال مناهج دراسية تعتمد على رقي العرق الفارسي و إظهار العربي بكل مساوئه وسلبياته.
لقد كان ولا يزال للأفاضل المناضلين الفدائيين من معلمين ومثقفين الدور الأبرز في العمل الدؤوب المستمر لخلق حاله تعليمية توازي و تتصدى للمناهج الدراسية الفارسية، وكان للمراكز الثقافية و الحلقات الخاصة للشباب و المراهقين والتي من خلالها تم تدريس وتعليم الأجيال بحقوقها وتاريخها ، وبهذا وجب القول أن دور الفدائيين من معلمين و مثقفين ما كان ليكون دون الدور الايجابي الوطني للقبيلة التي وفرت إمكانيات هذا العمل الوطني و ما كان لهذه الإمكانيات من الاستمرار لولا الجهد النضالي الذي قدمه المقاتلون الأحوازيين من خلال فعلهم النضالي المقاوم سياسياً وعسكرياً.
الحراك الأحوازي الدائم والمستمر بالتصميم والإرادة يحفر في جدار عنصرية الكيان الفارسي ثقباً للنور ليكون نافذةً تشع منها نسائم التحرير وكل قوافل الشهداء الذين استمروا بالحفر حولوا أجسادهم جسراً للأجيال و من عظامهم طبشورة يكتب بها الأحوازي على وجه الريح هنا الأحواز.
الحملة الأحوازية التي انطلقت من داخل الأحواز جزء من الحراك الوطني المقاوم للاحتلال وكما هي العادة في ظل صمت عربي مخزي رسمياً و شعبياً، كما تم ويتم تمرير الإعدامات والاغتيالات بحق الأحوازيين، دون احتجاج.
الأحوازي بحراكه اليومي صار مقتنعاً وبذاته النضالية التي جاءت تراكم للخبرة أنه وحيد في مواجهة المشروع الفارسي وهو بحراكه المقاوم لا ينتصر بالتحرير و إعادة إحياء مشروع الدولة المغتصب فقط بل يحمي الوطن العربي من خطر التمدد الفارسي ، فكل حراك مقاوم يقوم به يسجل له انه تقدم خطوة في طريق التحرير وبتقدمه خطوة فانه يجبر المحتل الفارسي أن يعود للخلف خطوة .
حملة وجب دعمها و الوقوف معها و فتح الفضاء الإعلامي لها وإيصال الصوت لكل المحافل الدولية المعنية بفضح الإرهاب الفارسي وتحديداً في المناهج الدراسية تدريساً وسلوكاً وفعلاً و واقع من وضع المدارس وشكلها.
تحتاج الأحواز منا أكثر بكثير من تأيد وصمت تحتاج منا ضجيجاً ثورياً يوازي و يتساوى مع فعل الشعب الأحوازي المقاوم.