في غمرة الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقتنا العربية في معظم أرجائها وخاصة دول الجوار ، لابد لنا في الأردن حكومة وشعبا أن نهدأ ونتعوذ من الشيطان الرجيم ، وخاصة أننا وسط بؤر التوتر والقلاقل ، مع علمنا جميعا أن الشياطين دائما تكمن في التفاصيل ، ولا يجب والحالة هكذا أن تزداد الفجوة وتتسع الهوة بين الشعب وحكومته ، فيما يتعلق في السياسات الحكومية وممارساتها ، إذ أن على الشعب أن يتروى ويتفكر في ردة فعله تجاه القرارات التي تتخذها الحكومة ، خاصة تلك المتعلقة بالمبادئ والثوابت الرئيسية للشعب والأمة ، فيما يخص التعامل مع الصهاينة او محاولات المس بالعقيدة إن وجدت ، وعلى الحكومة أن تأخذ تلك الثوابت الشعبية بعين الاعتبار ، وأن تكف عن التهديد والوعيد وأن لا تزيد الطين بِلة .
الأحداث المتسارعة التي شهدتها البلاد في الأسابيع والأيام الماضية ، قد عملت على تأجيج مشاعر الرفض الشعبي لكل سياسات الحكومة الداخلية منها والخارجية ، بدءا بمخرجات الانتخابات النيابية التي يشكك بها البعض ، مرورا بتعديل المناهج المدرسية وانتهاء بتوقيع اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني ، وفي الصراع إن صح التعبير ما بين الحكومة والشعب ، كان الغائب الأكبر هو الإعلام بشكله العام ، إذ أن الإعلام أبرز صانع للرأي العام ، وهو يتحمل حيزاً كبيراً من التعاطي مع ما يتعرض له أي وطن من أزمات ، ومن هنا يعتبر الإعلام بأنواعه المختلفة مرئية ومقروءة ومسموعة ، إحدى الوسائل الهامة التي تلجأ إليها المجتمعات والدول للحفاظ على نفسها وهويتها وحضارتها ، وصياغة المعلومة الصحيحة للمواطنين ، وتشكيل أرائهم ووعيهم وتحديد سلوكياتهم ، والارتقاء بآفاق فكرهم وتفكيرهم ، وتخفيف حدة التوترات إن وجدت ، ولا يختلف اثنان على أن هناك علاقة وثيقة ما بين الإعلام والرأي العام ، وكلما كان الأسلوب الإعلامي في صياغة الخبر وتحليله وتقديم مبرراته متقدما ومقنعا ، يكون التقبل الجماهيري للخبر والمعلومة أفضل ، لا أن يكون فقط ناقلا للخبر والقرار والمعلومة .
عند الحديث عن أي دور للإعلام ، ينبغي أولاً التساؤل على أي أساس يقوم هذا الإعلام ، هل يقوم على أسس فكرية وطنية سليمة تجعله يتمتع بالأهلية الوطنية السياسية والاقتصادية والثقافية ، وتجعله ينحاز الى الحق أينما كان ، أم أنه يقوم فقط على احتياجات حياتية معاشية وربحية ، واعتبار أن الإعلام مجرد مشروع تجاري ربحي لمستثمر ما ، اومجرد مهنة او وظيفة يعتاش منها من يعمل فيها موظفا ، ولا يجب أن يغيب عن بال أحد ، أن الإعلام بكل انواعه بالاضافة الى وسائل التواصل الاليكتروني ، قد أصبح جزءا من حياة الناس ، وعلى المتعاطين به أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية وتحمل الأعباء ، والتعامل مع كل الأطياف في البلد الواحد ، مهما اختلفت الأيدلوجيات وتعارضت السياسات ، وذلك من اجل تقريب وجهات النظر ما بين الحكومة والشعب ، ومختلف الأطياف فيما بينها ، حماية لمصالح الوطن والمواطن ، مع وجوب الاشارة الى أن أسوأ العقول ، عقل يرفض كل شئ وعقل يقبل كل شئ ..