زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تلمس رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي شخصياً وبصورة مباشرة ذلك الإيقاع السلبي الذي يواجه حكومته مع البرلمان وسينشط مع انعقاد الدورة البرلمانية في السابع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل تحت عنوان «صفقة الغاز الإسرائيلي المسروق من فلسطين».
نسبة الالتزام الشعبي بما قررته لجان المعارضة ضمن تكتيك «إطفاء الأنوار» احتجاجاً لمدة ساعة مساء الأحد توحي ضمنياً بعدم وجود «غطاء شعبي» من أي نوع لصفقة الغاز التي تم تمريرها بشكل سريع وغامض وفرضها كأمر واقع امام البرلمان الجديد مع تفجير الملف في حضن وزارة الملقي وبتوقيت سيئ للغاية .
الأردنيون أطفأوا الأنوار بكثافة على مرتين في اسلوب احتجاج حضاري يوجه الرسالة الأصعب لصناع القرار فيما تلعب الصحافة الإسرائيلية دوراً خبيثاً في استفزاز الشارع الأردني بالتركيز على الجزء المتعلق باحتفالية الجانب الإسرائيلي بالصفقة التي يبلغ حجمها عشرة مليارات دولار.
لافت جداً للنظر ان سياسيين كباراً في عمان وحتى بعض المسؤولين شاركوا في إطفاء الأنوار في مؤشر حيوي على صعوبة إيجاد أصدقاء حقيقيين لصفقة الغاز المثيرة للجدل .
خلال الاتصالات الفردية بين الرئيس الملقي وبعض أركان البرلمان الجديد تلمس الأخير حجم القلق البرلماني جراء الضغط الشعبي في ملف الغاز الذي اعتبره بيان لحزب جبهة العمل الإسلامي أبشع وأقسى انواع التطبيع خصوصاً في ظل نمو الشعار الشعبي المعارض الذي يعتبر الغاز الإسرائيلي بمثابة «احتلال واقعي للأردن».
وزير الاتصال الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد المومني بدا أميل للشفافية والمصارحة وهو يعلق على جدل موضوع الغاز بالإشارة إلى ان سياسة تحت الطاولة توقفت واصبحت من الماضي والهدف من الكلام في هذه الحالة هو الايحاء بان ميزان الحكومة مرتبط بالمصالح الحقيقية والواقعية وليس بالمخاوف الشعبية وتسليط الضوء على جزئية الشفافية التي تمارسها حكومة الملقي مع الشارع .
بالنسبة لقائد الفريق الوزاري الاقتصادي الدكتور جواد العناني تحدث بصورة مختصرة لقناة سكاي نيوز العربية عن اتفاقية الغاز مشيراً إلى ان الخلاف حولها في الشارع الأردني سياسي بامتياز وبالتالي غير مبني على الوقائع الرقمية.
يحاول العناني هنا لفت النظر لوقائع فاتورة الطاقة تحديداً التي تشكل ضغطاً كبيراً على الخزينة وميزانية الدولة على اساس ان اتفاقية الغاز ابرمتها شركة الكهرباء الوطنية مع شركة امريكية تستثمر في اسرائيل في قطاع الغاز .
محاولته بدت مكشوفة لتوجيه رسالة للشارع توحي بان الحكومة مضطرة لتوقيع هذه الاتفاقية في الوقت الذي تتحدث فيه المعارضة الشعبية العارمة عن خيارات بديلة كانت متاحة امام الحكومة .
المعارضون لاتفاقية الغاز لا يكشفون هذه الخيارات عندما يتحدثون عنها.
لكن من الواضح وحسب تعبير رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري ان الاستعانة بالغاز الإسرائيلي أو الاعتماد عليه يدفع تل ابيب إلى منطقة استراتيجية عميقة في التأثير على الاقتصاد الأردني وهو أمر في كل الأحوال يرى المصري بأنه ليس في صالح الأردن على المدى البعيد بالرغم من تفهم صعوبة الواقع الرقمي والمالي والاقتصادي خصوصاً أن اسرائيل تتخذ سياسات عدائية ضد عملية السلام وتتجه نحو يهودية الدولة وتصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذي يشكل الخطر الاكبر العميق على المصالح الحيوية الأردنية .
وفي الوقت نفسه يتحدث رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية الدكتور عبد الله العكايلة عن توقيت سيئ جداً ومبادرات تتجاهل ممثلي الشعب فيما يتعلق بصفقة الغاز المريبة اياها ويرى العكايلة في نقاش مع «القدس العربي» حول مختلف القضايا الوطنية الملحة أن اتجاهات الشعب الأردني فيما يتعلق بإسرائيل تحديداً معروفة لصانع القرار قبل المواطن مستغربا في الوقت نفسه الانتقال لاتفاقية من هذا النوع وبهذا الحجم دون التشاور مع البرلمان أو من خلف ظهره .
بالرغم من المزاج الشعبي العارم ضد إتفاقية الغاز الإسرائيلي يبدو واضحاً ان الحكومة فرضتها كأمر واقع وبالتالي قد لا تؤثر على مصيرها العملي أي خطابات أو مزاودات برلمانية في المستقبل .
لكن لا يوجد في المقابل ما يوحي بان الشارع الأردني معني تماماً بتمرير هذا الواقع الجديد في مسألة غاز اسرائيل بدون احتقان وكلفة خصوصاً وان مشاعر الاحباط السياسي لازالت برسم الاستعصاء مع ادراك مسبق لصعوبة اسقاط هذه الاتفاقية، الامر الذي سيحسم مع بداية انعقاد دورة البرلمان حيث تكون كل السيناريوهات متاحة ومطروحة بما فيها مقايضة حكومة الملقي في مسألة الثقة في الحكومة او دفعها لان تدفع وحدها ثمن هذه الاتفاقية المريبة .
القدس العربي