في كتابه \"فرسان تحت راية النبي\" يقول الدكتور أيمن الظواهري، أحد القيادات التاريخية لجماعة الجهاد بمصر والرجل الثاني في تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يتزعمه أسامة ابن لادن ، يقول \" الديمقراطية فكرة كافرة، ومن يقول أنه مسلم وديمقراطي، كمن يقول، إنه مسلم ومسيحي، أو مسلم ويهودي!!\".
\"كما أن حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، أغلق الباب تماما أمام أي فكرة معارضة، عندما قال في رسالة \"المؤتمر الخامس\" عام 1938: \"إن هذا المنهاج ، (برنامج الجماعة) ، كله من الإسلام ، وأن أي إنقاص منه هو إنقاص من الإسلام...\"، فهو بهذا الكلام أعطه برنامج جماعة الاخوان المسلمين قوة وقداسة الدين، الامر الذي يجعل الآخر ينظر إلى أن خلافه معهم سيكون خلافا مع الدين واصطداما به\".
الإخوان المسلمين مثل عموم الإسلاميين، لا يؤمنون بالديمقراطية والحرية والتسامح ولا بالتداول السلمي للسلطة ، بل بسلطة واحده هي سلطة الله (سبحانه وتعالى)، يتم تنفيذها من خلالهم بصفتهم ولاة وظل الله (سبحانه وتعالى) على الأرض وان طاعتهم واجبه في بيان القرآن الكريم (وأطيعوا أولي الأمر).
ولكن للضرورة أحكام، والضرورات تبيح المحظورات، والغاية تبرر الوسيلة ، لذلك ركب الإخوان المسلمون موجه الديمقراطية والحقوق الإنسانية ألكافره (بحسب رأيهم) كطريق من طرق الوصول إلى السلطة ، ولكن وبعد ترتيب البيت يتم الانقلاب على الديمقراطية ألكافره وإقصاء دعاتها عن الحياة السياسية. ( الديمقراطية عند الإخوان المسلمين \"مرحلية\" فهم لا يمانعون أن يصلوا إلى السلطة عن طريق الديمقراطية أما بعد ذلك فالعصا لمن عصا).
أن طبيعة الأفكار الإيديولوجية والسياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تقوم على فكرة المرجعية الوحيدة التي يؤمنون بها، هي سبب تشكيك السلطات والقوى السياسية الأخرى، بل وفئات من المجتمع في مصداقية قبولهم بالديمقراطية وجديتهم في الالتزام بمبادئها.
إن سيادة الدستور والشفافية في الحكم واستقلال القضاء والفصل بين السلطات وحرية التعبير وصيانة كرامة الإنسان وحقه في تقرير مصيره وحفظ حقوقه، تمثل حقيقة الديمقراطية وروحها، أما إذا خلت الممارسة الديمقراطية من هذه المبادئ، ( التي لا يؤمن بها الإخوان المسلمين ) فتصبح ديمقراطية زائفة لا قيمة لها، وجسدا لا روح فيه. فالديمقراطية ليست مجرد برلمان وصندوق اقتراع، بل ثقافة وممارسة اجتماعية متكاملة.
بالرغم من أن أهمية الانتخابات النيابية الأردنية القادمة ، التي ستجري (بأذن الله) في 9 تشرين ثاني 2010 ، تكمن في إنها تمثل بحد ذاتها حدثاً تاريخياً هاماً يساهم في ترسيخ النهج الديمقراطي وتطويره في وطنا الأردني كخيار استراتيجي لا رجعة عنه... اختارت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وحزبها السياسي ( حزب جبهة العمل الإسلامي ) عدم المشاركة في عملياتها، وتحريض المواطنين الأردنيين على مقاطعتها.
لقد حققت الديمقراطية الأردنية عبر مسيرتها التي بدأت مع تأسيس الدولة الأردنية ، نجاحاً وتطوراً ملموساً على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تعززت مسارات العمل السياسي والتعددية الحزبية على الساحة الأردنية وانخرط الكثير من أبناء شعبنا الأردني بأحزاب مختلفة التوجهات الفكرية والأيديولوجية في ظل مناخات حرية الرأي والقول والتعبير عن خياراتها بالطرق السلمية والمكفولة دستورياً، كما أضحت الديمقراطية عاملاً رئيسياً من عوامل البناء والتنمية وفتحت المجال واسعاَ أمام المشاركة الشعبية في عملية النهوض الحضاري والاقتصادي. وتأتي الانتخابات البرلمانية في سياق تعزيز مسار هذا النهوض الذي شاهدناه ومازلنا نشهده منذ تأسيس الدولة الأردنية عام 1921م.
إن إنجاح الانتخابات، على مستوى المشاركة الشعبية الفاعلة والواسعة ضرورة وطنية كونها تساهم في ديمومة النظام الديمقراطي وتعزز أركانه، وتكرس حقوق المواطنة.
فالمشاركة في الانتخابات حق وواجب، حق ضمنه الدستور للمواطن، وواجب فرضه الوطن على من يعيش على أرضه ويحمله فوق ظهره، فلو لم يتحمل المواطن مسؤولية بناء بلده بورقة الاقتراع فمن يا ترى، سيتحمل هذا العبء؟.
با أبناء وطنا الأردني العظيم : لا تصغوا إلى كلام أعداء الديمقراطية فان بضاعتهم التثبيط ، ويعزف عن المشاركة من يعزف ، تسلحوا بالهمة والشجاعة والإقدام والمثابرة لتنهضوا باكرا وتقفوا أمام عتبة صناديق الاقتراع، لتنصروا وطنكم ، وتساهموا في بناءه وتحديثه.