حسان علي عبندة
تميز الخطاب الاعلامي الاردني عبر تاريخه بالضعف والتكرار وافتقار الموضوعية والمهنية واستخدام مفردات عامة تثير مشاعر البسطاء، والنهل من مرتكزات الخطاب الاعلامي العربي الاضعف.
الخطاب الاعلامي ببساطة هو رسالة دائمة التطور والتغيير تُُبث لتحقيق هدف معين، هذه الرسالة قد تحقق غرضها اذا تم اعدادها بشكل سليم، وقد تكون نتائجها سلبية اذا أعدت اعتماداً على المصطلحات الجاهزة المستهلكة دون دراسة وتأن.
في الازمة الاخيرة مع قناة الجزيرة القطرية لم تخرج الردود والتصريحات والتعليقات الاردنية عن نطاق المفردات الجاهزة من نفي وصدمة وادانة ، واستذكار عبارات مكررة عن أزمات سابقة مثل لماذ الان ؟ (لأن الاخبار لا يوجد لها أوقات محددة للبث)، ولمصلحة من ؟ (عودة الى نظرية المؤامرة المزمنة)، من هي الجزيرة ؟ (الشتم والتنديد وهذا أسوء ما في الخطاب الاعلامي)، لمصلحة من الهجمة الاعلامية على الاردن؟ (في علم الصحافة والاعلام يوجد ما يسمى متابعة الخبر وبرامج تعالج ما وراء الخبر)، النفي العاجل المقتضب الصارم، (وغالباً ما تقع الاخطاء في هذه التصريحات العاجلة).
أحد المواطنين علق في صحيفة خبرني الالكترونية في 2\\10\\2010 (هذه لا تسمى أزمة لأن الازمة بين الدول وبين الانداد ولكن من هي قناة الجزيرة حتى يكون معها أزمة، أقترح الاهمال التام لهذه القناة ولكل ادعائاتها الكاذبة)، هذا الاسفاف في الطرح لا يخرج عن إطار الخطاب الوطني والعربي باختلاف المفردات وتطابق الجوهر.
في الافق القريب حظيت أزمة هيكل باهتمام مشابه، كتب أحدهم في القدس الالكترونية بتاريخ 18/3/2009 (كما وأنني أردني من أرض الكرامة والشرف والحشد والرباط والشهداء، فانني لن أرد على كلام واحد خرفان مثل الهيكل العظمي الذي يحاول أن يصنع شهرة لنفسه). آلاف الرسائل هاجمت هيكل لم يتأثر إلا برسالة واحدة بثها زيد الرفاعي وعلق عليها هيكل (على الاقل تحدث الرجل بعقلانية وهدوء).
\"مرآة حياتي\" لمصطفى طلاس أثار الكثيرين وكتبوا ما يسيء اليهم بدل تحقيق غايتهم، حاوره بعقلانية ماهر أبو طير من الدستور ليتبين أن الموضوع برمته سوء فهم، وان الرجل الذي كتب أفضل الكتب عن الثورة العربية الكبرى واشتراه التلفزيون الاردني آواخر السبعينيات لتحويله لمسلسل عن الثورة العربية لا يستحق هذا الهجوم المبعثر الغوغائي.
هذا المدخل الخاطىء في التعامل مع الازمات أدى الى نتائج عكسية ندم الكثيرون على التعجل في الادانة والشجب والشتم والانتقاء التعسفي للأحداث، ولم يدركوا أنهم يأججون الموقف ويخدمون الطرف الآخر بدل خدمة وطنهم وقضيتهم.
لو كانت الجارديان 1821 ثاني صحف العالم بعد نيويورك تايمز نشرت تقريراً عن الاردن ومكانته وانجازاته فهل سيتم التشكيك بها؟، ولو فعلت الجزيرة من الاوائل عالمياً ذلك فهل نستعمل نفس الادوات؟.
لا يوجد صحيفة في العالم أو قناة لا تخطىء في بث خبر أو غيره مهما بلغ عمرها ومصداقيتها، فكل الصحف والقنوات تتعامل مع نفس أدوات صناعة الخبر.
الاحد 3/10/20010 كتب إيان بلاك (ناشر خبر التشويش) محرر الشرق الاوسط في الجارديان (In a new twist to the tale there was speculation that the culprits behind the jamming in Jordan were former employees of an Amman-based TV satellite services company which works with al-Jazeera, the BBC, and other broadcasters.)، (في تطور جديد للموضوع كانت هناك تكهنات أن الجناة وراء التشويش هم موظفين سابقين في شركة تلفزيون مقره عمان كانت تقدم خدمات أقمار صناعية للجزيره والبي بي سي وغيرهم).
تنتابنا الغيرة الشديدة على الوطن حين تصدر مثل هذه التصريحات المؤسفة ضد بلادنا، ونتمنى أن يتم التعامل معها بما يناسبها من شفافية العرض والتوازن والعقلانية والمهنية.
بعد أيام يفتتح مهرجان الاردن للاعلام العربي ونتمنى أن يعيد هذا المؤتمر صياغة مرتكزات الخطاب الاعلامي العربي، غير تلك التي صاغها أحمد سعيد أبان حرب 67 وارتكز عليها الصحاف وغيره المئات، أحمد سعيد قال في مقابلة مع اليوم الالكتروني في 3/5/2003 (لست نموذجاً) ومع ذلك ينتهج الكثيرون نهجه الخاطىء.
عالم الاتصالات من أعقد العلوم، والكل يعلم قدرة الهاتف الخلوي نوع بلاك بيري وغيره المتصل بالانترنت على احداث تأثيرات متعددة على الاجهزة الالكترونية، و قد أعلنت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الامارات أن \"بعض خدمات البلاك بيري، تتيح السبيل أمام بعض الأفراد لارتكاب تجاوزات بعيداً عن أي مساءلة قانونية، مما يترتب عليه عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني\" .
Hassan_abanda@yahoo.com