زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يمكن تلمس المناطق الحساسة التي «يجامل» فيها التيار الإسلامي والإخواني الأردني تحديداً السلطة والدولة أملاً في إنجاح برنامج ما بعد العودة للمسرح السياسي وإنهاء مقاطعة الانتخابات والعزف على وتر الاندماج مجدداً ضمن علاقة برامجية مع النظام.
لكي تصل جماعة الإخوان المسلمين لهدف من هذا النوع قدمت مؤخراً وبعد سلسلة انشقاقات طالتها العديد من «التنازلات». وبدأت تلك التنازلات بخطاب القطب الثاني لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد عندما غادر السجن في القضية التي عرفت باسم «الإساءة للإمارات» حيث أطلق إرشيد سلسلة من التعليقات التي تلمح للعودة للشراكة والتحاور السياسي.
لاحقاً وبعد إغلاق مقرات الجماعة وبعض مقرات جبهة العمل الإسلامي قرر الإخوان المسلمون حل هيئتهم القيادية النافذة وتشكيل لجنة مؤقتة برئاسة القيادي عبد الحميد الذنيبات وهو من جناح الحمائم المعتدل، حيث كانت تلك رسالة مباشرة يقول فيها المراقب العام الصقوري الشيخ همام سعيد إنه لن يقف في طريق أي تفاهمات ومستعد للتنحي.
التنازل الأكبر ظهر مع ولادة موقف التيار الإخواني من الانتخابات حيث تقررت المشاركة بها وهنا سرعان ما تقدم الإسلاميون بقوائم تحالف «وطنية» متنازلين علناً عن شعارهم الكلاسيكي «الإسلام هو الحل».
وبعد الفوز بما نسبته 11% من مقاعد البرلمان الجديد فوجئ الرأي العام بالشيخ بني إرشيد يعلن عبر «سي إن إن» بأن التيار مستعد للتحاور مع دعاة الدولة المدنية وحتى مع العلمانيين قبل ان يعلن رئيس كتلة الإصلاح الإسلامية الجديد الدكتور عبدالله العكايلة وعبر «القدس العربي» مسألتين في غاية الأهمية: حتى «البوذيون» مستعدون للتحاور معهم أولاً.. ولدينا الاستعداد للمشاركة في تشكيل حكومة برلمانية.
وبعد سلسلة المبادرات الودودة التي قادها العكايلة تحديداً خفت حدة التأزم بين مؤسسات الإخوان المسلمين والسلطات .
في أقرب مسافة لرئيس الوزراء الجديد الدكتور هاني الملقي تقرر ما يلي لكن بصمت: ملف الإخوان سيبقى أمنياً وسنراقب الأداء في البرلمان وسنتجنب بعد الآن طرح مسألة «عدم شرعية ترخيص الجماعة».
تقرر ايضاً احترام «شرعية المقاعد» البرلمانية العشرة التي حصل عليها كادر إخواني بصورة مباشرة.. أحد الوزراء البارزين قال لـ»القدس العربي» ما يلي: أصبح اليوم من المحرج للحكومة ان تلعب بوتر ترخيص الجماعة ما دام لها كتلة صلبة في البرلمان، وأضاف: واضح تماماً ان حكومة الدكتور الملقي حصرياً لا تستطيع استفزاز حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض التابع لللإخوان قبل حصولها على ثقة البرلمان عملياً.
التهدئة التي أوحت بها السلطة مقابل تنازلات الإخوان السياسية دفعت للتسكين بدلاً من التصعيد حتى وجد أمين عام حزب الجبهة الشيخ محمد زيود الفرصة مواتية لتوجيه رسالة مباشرة للملقي عنوانها «إفتحوا مقراتنا المغلقة بقرارات إدارية». بالتوازي لم تكن صدفة تلك التي دفعت محكمة قضائية في مدينة العقبة للأمر بإعادة فتح مقر للحزب اغلقه الحاكم الإداري، ولا يخفي القيادي مراد عضايلة تقديره بأن تلك على نحو أو آخر»رسائل» ودية قد تساعد في بناء أجواء ثقة لأن البلاد كما يشرح لـ»القدس العربي» لا زالت تحتاج لإظهار المرونة وللقليل من الاسترخاء.
إلى أي حد سيصل الاسترخاء بين السلطة والإخوان المسلمين في الأردن؟
لا يمكن الإجابة الآن على سؤال من هذا النوع لأن الطرف الرسمي يقول بوضوح: سنراقب الأداء في البرلمان .
عملياً وعلى الأرض لا يشارك الإسلاميون في تلك الاحتجاجات الشعبية التي تستهدف اتفاقية الغاز ويسعى العكايلة بوضوح وعلنية لـ «فتح صفحة جديدة» باسم التيار الإسلامي لكن السلطة مترددة وتنتظر فيما يبدو المزيد من التنازلات الجوهرية وإن كانت تلتقط الرسائل الإيجابية في المقابل .
ثمة جهة ثالثة ترصد بقلق واهتمام بالغين تطور تلك التناغمات والرسائل بين السلطة والإخوان المسلمين حيث يتمركز الجسم النخبوي المؤثر الممثل للتيار المحافظ والحرس القديم داخل الدولة وخارجها وحيث نخبة من النشطاء اليساريين الذين تصوروا إمكانية «وراثة» مقاعد الإخوان المسلمين في تحالفات مع النظام والدولة ومؤسسات القرار.
القدس العربي