اثارت مشاركة ترامب في السباق الى البيت الابيض قلق الملايين في امريكا و العالم ، وخلق قلق عام من تصريحاته وتوعده للعرب واللاتين والسود والمسلمين وغيرهم من المهاجرين ، وبناء سور يفصل بين امريكا و المكسيك وغيرها من التهديدات ..
هل كان الاعلام صادقاً بما قدمه عن الرجل؟ ، أم كان ذلك دور للاعلام في الحرب الضروس بين المحافظين والعلمانيين نتيجة فشل العولمة الذريع و القائمين عليها ؟ ، واراد شيطنة الرجل لرفض الشعب الامريكي وصوله الى البيت الأبيض ويُصبح حاكماً لأقوى دولة في العالم .
الحديث في الولايات المتحدة ، بأن هناك نقمة شعبية على الطبقة الحاكمة في كلا الحزبين على كل السياسات التي لا تخدم امريكا وشعبها ، وانما تخدم جهات اخرى والساسة انفسهم ، وان الشعور بفشل الرأسمالية و العولمة داخل امريكا وخارجها وتأثيراتها السلبية على الشعوب وارتداداتها على الشعب الامريكي ، اوجب عليهم نسف تلك البرامج والمشاريع الساعية الى تغيير بنية المجتمعات والعمل على تفكيكها والعبث في ثقافاتها ، والأجهاز على قيمها ومعتقداتها ، والذي تمثل في دعم الدكتاتوريات في العالم وتأسيس ودعم الحركات الارهابية ، والسماح بالاجهاض في أي وقت ، واصدار قانون يسمح لترويج وبيع المخدرات والاهتمام بالمثليين ، ومحاربة وشيطنة الاديان والمعتقدات ، وفتح المجال الواسع لتغول فئة قليلة من اصحاب المصالح على الاكثرية الساحقة من المجتمع الامريكي .
اللتقط ترامب الرسالة بذكائة المعهود ورفع الصوت عالياً ليقود ثورة بيضاء للشعب الامريكي على سياسات الساسة الامريكيين ، وطرح نفسه القائد المخلص الذي سيحقق لهم الحلم الامريكي ، وعزفه على الوترالذي ترغب جماهير واسعة من الشعب الامريكي سماعه ، ليرفع بدوره أكثر من شعار تُدغدغ مشاعر الجماهير ، مثل "احياء القومية الامريكية" ، "واستعادة عظمة امريكا" ، "وامريكا اولاً " ، وهذا ما اثبتته نتائج الانتخابات من نجاعة لهذه الشعارات .
و الآن وبعد نجاحه ، ما المتوقع أن يصنعه الرجل ؟
هل سيظهر بصورة الشيطان الذي شاهدناه على شاشات التلفاز وصوره الاعلام ؟ ، أم سيترجل كقائد وطني جاء لخدمة وطنه وشعبة وكقائد عادل للعالم ، ومخلص لشعوب الارض من الظلم الذي وقع عليها ؟ ، هل سيسعى لتنمية اقتصاد امريكا وحل مشاكل شعبه التي يُعاني منها مثل الفقر البطالة و التأمين الصحي و الضرائب وغيرها من المشاكل ؟ ، أم يسير بنفس نهج من انتقد مسيرتهم بلأمس وشن حربه عليهم واتهمهم بالفساد ، ليُصبح موظفاً خادماً لأوامر الايباك ومصالح اسرائيل وطموحاتها ، هل سيصبح المدافع عن حقوق المستضعفين بالأرض ويكون عادلاً مع الجميع ويسعى للنصرتهم فعلاً وإنصافهم ؟ ، أم سيسعى لهلاك الشعوب و فنائها ومسح تاريخها كما فعل الاخرين؟ ، هل سيسعى لنصرة اصدقاء امريكا من الدول والشعوب بالحق ؟ أم سيتخلى عنهم عند تضارب المصالح كما فعل سلفه ؟
أما في عالمنا العربي .. فماذا يتوقع من ترامب مغايراً لما وجده عند اوباما و من قبله بوش الابن و بوش الأب وريقن وغيرهم ؟ ، هل ادرك ما حصل ويحصل والذي اوصلنا لما نحن فيه ؟ ، وهل سيغير من تفكيره بالآخر وازالة الوهم بالصديق القاهر ساحر ساهر على راحة شعوبه وأمنه بعد كل تلك التجارب المخيبة والتي لا تتغير ولم تغيرنا ..
يجب أن ندرك وعلى عجل ما ادركوه رئيس البرلمان الاوروبي والمستشاره الالمانية و الرئيس الفرنسي حيث قال الأخير في خطابه بعد ظهور نتائج الانتخابات الامريكية مباشرة ، مخاطباً الاوروبيين " يجب أن نتوحد " ، الم نُدرك بأننا اصبحنا بأمس الحاجة للتضامن العربي أكثر من اوروبيين والسير نحو وحدة الأرض والمصير فعلاً وليس شعاراً ، و تنمية القدرات الذاتية للدفاع عن أوطاننا وشعوبنا و مصالحنا وقيمنا ومعتقداتنا ؟ ، والتفاهم مع كل الدول الاسلامية والدول المستضعفة ، أم مازلنا نراهن على تجارب اخرى مكررة حتى تُدمر كل البلاد وتضيّع مصالح العباد ؟..