بعد طول انتظار لقانون الانتخابات النيابية الجديد الذي صدر مؤخراً ، وأخذ صبغة الإقرار القطعي بعد أن توشح بالإرادة الملكية السامية .. ليأذن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين \" أمد الله في عمره وأعز ملكه \" لشعبه بممارسة حقه الانتخابي في اختيار من يمثله ويوصل كلمته وأوجاعه بكل أمانة وإخلاص إلى فِناء قبة البرلمان ..!!
وبعد أن ذهب الهاشميون الأبرار إلى إطلاق العديد من المبادئ والمفاهيم التي من شأنها خلق أجواء ومساحات بيضاء من \" الحرية \" في حياتنا ، وترسيخها ومنحها للشعب الأردني ليحفظوا له حقه في التعبير بكل جرأة وشفافية ، ووفروا له أغلب ما توصل إليه العلم من وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجل إيصال المعلومة وبثها دون خوف أو تردد ، في حين أن العديد من الشعوب في العالم لا زالت تتناحر وبصورة دموية للوصول إلى العتبات الأولى لها أو العيش بكرامة الإنسان بحده الأدنى ..!!
ولم تكن منحة الأطهار هذه ، لهذا الشعب العاشق لتراب هذا الوطن والوفي لقيادته الحكيمة لتكون ، لولا تقدير الهاشميين الأبرار خير تقدير له ، وأنه كما قال الراحل العظيم المغفور له جلالة الملك الحسين\" طيب الله ثراه \" ودأب عليها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين \" أمد الله في عمره \" \" أن الانسان أغلى مانملك \" ، وما المنحة السامية هذه إلاّ نبراساً يتوج جباهنا ، نكحل بها عيوننا ، وعلينا أن نحفظها من أي تشويش أو مسٍ مقصود ، وأن نطبقها كما أراد لها الهاشميون الأطهار أن تكون ، تتصف بكل صفات الأمانة والإخلاص ، وبرؤية ثاقبة لضمائرنا ولمن نحن بأشد الحاجة لجرأتهم تحت قبة البرلمان ، ومدى قدرتهم على إيصال همومنا واحتياجاتنا والمناداة بها عبر فضاءه دون تردد أو محاباة ، يبحثون في حالنا قبل حالهم ، ويؤثروننا عن أنفسهم ، ولا يبحثون عن أطماع شخصية ، أو عن تلك \" الوزرنة \" التي كانت \" الشاغل الأكبر \" للعديد من نوابنا السابقين ، الذين رأوا فيها نفوذاً وجاهاً أجلُّ من عضوية التشريع ، وتخلّوا عن الهدف السامي الذي انتخبهم الشعب من أجله ، ومن لم يحالفه سوء الطالع لمنصبها ، ذهب للمحاباة لمعتليها للحصول على ما قد يبقيه \" خدوم وذو نفوذ \" في نظر منتخبيه ، على حساب المهمة الأسمى وهيّ \" التشريع ومراقبة الأداء الحكومي \" ..!!
لقد تحملنا الكثير ، وتغاضينا عن الكثير من تجاوزات النواب السابقين ، باعونا بأبخس الأثمان ، وساومونا على فقرنا وجوعنا ، حين كانوا هائمين على وجوههم يستصرخوننا \" لصوتٍ \" ينقذهم من حالة الفشل والرسوب في الانتخابات ، إلى النجاح الذي يرفعهم إلى مراتبٍ لم تكن حتى في أحلامهم ، لكن أموالهم عند \" مرضى الضمير والوجدان \" نطقت وتكلمت ، هؤلاء المرضى الذين أغراهم المال ولم تُغرهم الوعود التي سئموا سماعها ، وغيروا مفهوم \" قليل دائم ، خيرٌ من كثيرٍ منقطع \" إلى \" عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة \" ..!!
والجميع يُجمعْ ، أنه وفي خضم الفراغ التشريعي ، عايشنا العديد من القوانين والقرارات الحكومية التي أكلت من لحمنا وقوتنا في غيابه ، وغدونا نقتسم الألم فيما بيننا ، بهمه وغمه دون اكتراث الحكومة لنا ، بل تجاوزت بنا إلى أبعد من كل خطوط الفقر والجوع ، واسقطتنا من كل أجندتها ، وساوتنا مع الأصفار اليسارية للأرقام ، وباتت الأشياء أغلى منا نحن البشر ..!!
والأمل الذي يبني عليه المرشح آماله للوصول إلى البرلمان ، سيبقى معقوداً على ضمائرنا نحن الناخبون الحيّة ، وهؤلاء المرشحون نأمل أن يكونوا على قدر حمل الأمانة والمسؤولية ، وأجندتهم وبرامجهم \" الانتخابية \" تخلوا من الاستخفاف بعقولنا ، والمزايدة على همومنا وأوجاعنا ، أو اقتناص الجانب المظلم من حياتنا ، بل يجب أن يتلمسوا \" همّنا ووجعنا \" والقفز بنا إلى حياة أقل بؤساً وإيلاماً ، بعيداً عن كل الوعود والمزايدات على ضمائرنا من باب الوصولية والجشع ..!!
وكما نُجمع أن أطماعنا البشرية لا تتوقف ، وأن حاجة الانسان غاية لا تدرك ، علينا أن نُجمع أيضاً أن الأطماع الشخصية والفردية سرعان ما تزول بزوال سببها ، أما العامة فهيّ باقية مع بقاء المجتمع والبشرية في هذا الكون ..!!!
م . سالم أحمد عكور akoursalem@yahoo.com