حسان علي عبندة
العنف هو تعمد استعمال القوة بالتهديد أو التنفيذ، وهو يوجهه للاخرين أو ضد النفس كالانتحار أو ايذاء النفس، قد يقع العنف في أي مكان في الشارع أو العمل أو المدرسة، ويمكن أن يكون فردياً أو منظماً بالعصابات، وما يقلق المجتمع الاردني هو العنف المجتمعي، وهو العنف الغير منظم بالجماعات أو العصابات والذي يشترك فيه المهندس والطالب والعامل والمحامي والصبي وكافة قطاعات المجتمع.
تم مناقشة هذا الموضوع في محاولة للقضاء عليه في مجلس الوزراء، والمجلس الاعلى للشباب، ندوة في الجامعة الهاشمية، ورشة في مادبا، المجلس العلمي الهاشمي، قضية للنقاش في الصحف اليومية والاسبوعية والالكترونية، ندوة في بترا ، ندوة شباب البتراء، شباب كلنا الاردن في الطفيلة، مبادرة شباب من أجل نبذ العنف، لقاء حواري في جامعة مؤتة، ندوة في الطفيلة التقنية، لقاء حواري في جامعة جرش، مجلس علمي في اوقاف عجلون، اضافة الى العشرات من المواضيع واللقاءات، وتم تعديل أربعة قوانين لمعالجة القضية، ولم تفلح كل هذه الجهود في القضاء أو الحد من ظاهرة العنف المجتمعي.
الاربعاء 29 أيلول 2010 أكد نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي \"إن الحكومة جادة في اجتثاث ظاهرة العنف المجتمعي من جذورها وتوفير أجواء الأمن والاستقرار والطمأنينة للمواطنين\".
بالتأكيد أن الداخلية وقواتها وأجهزتها لن تنجح في القضاء على العنف المجتمعي لأن (العنف المجتمعي هو مظهر لأزمة أكبر ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية وسياسية ) حسب دراسة عن العنف المجتمعي أعدها صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي، فالقضاء على هذه الظاهرة يتطلب علاج الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
تشير الدراسة الى أن 64% من المشاجرات سببها خلافات شخصية ومالية، وهذا مؤشر واضح على أن الأمور المالية تستحوذ على نسبة عالية من أسباب إندلاع المشاجرات.
لماذا تتحول مشاجرة بين شخصين الى مشاجرة جماعية؟ لأن الاخرين لديهم من الاسباب الكامنة في صدورهم ما يرفع جاهزيتهم الى تفريغ هذا الكبت والضغظ لأي سبب مهما كان تافهاً.
كل مواطن له طريقة خاصة في الشحن والتعبئة والظغط ليكون جاهزاً في المشاركة في أية مشاجرة مقبلة أو حتى افتعالها، فالمواطن الفقير عندما لا يجد ما يكفي من العلب في الشوارع ليبيعها يتشرب جرعة من الضغط، والمثقف عندما يرى رئيس لجنة عمال الزراعة يزج في السجن لأنه طالب بحقوقه يتشرب جرعة من الضغط، والخريج تعصفه الواسطة وتشحنه، والمزارع حين يخسر ، والموظف حين يفصل، والعامل عندما يستلم راتبه المتواضع، والكثيرين حين تقطع عنهم المياه، و و و.
تقول بعض الدراسات أن دخل الوطن العربي يتجاوز ثلاثة آلاف مليار دولار سنوياً أو 3 ترليون، وأن ترليون واحد فقط يذهب للتنمية والباقي لا أحد يعلم أين يذهب. ترى لو كانت كل هذه الاموال تأخذ طريقها الصحيح للتنمية فهل سيكون هذا حالنا وحال الوطن العربي.
نشرت وزارة التربية والتعليم المركزية في الصين اعلانا في الصحف تطلب فيه خمسة ملايين سائق وثلاثة ملايين معلم ومليون ونصف حارس، بلد المليار وربع يصدر اللحم والفول وغيره الى دول العالم، ترى لو كان عددنا عشرين مليوناً فكيف سيكون حالنا؟ .
علينا الاحتكام الى الدراسات العلمية المحكمة فهي وحدها القادرة على حل مشاكلنا مهما كانت مستعصية.
Hassan_abanda@yahoo.com