هل من حق الرجل ضرب الزوجة ؟؟ سؤال قد يجد الكثير من الناس حرجا في الاجابة عليه ، فالمدارس تعلمنا ان القران الكريم والدين الاسلامي الحنيف يسمح بضرب المرأة ضربا خفيفا غير مؤذي ، وبناء على هذا الرأي الفقهي تجد الكثير من المهتمين بهذا الشأن يتنازعهم الرأي الديني مقابل ما يتحدثون فيه عن حقوق المرأة في عصرنا الحديث ...
ربما ما جعلني اكتب في هذا الامر هو قرار إحدى المحاكم الإماراتية في قضية رجل قام بضرب إمرأته وابنته وأحدث بهما ضررا ، فجاء قرار المحكمة بأن الرجل مذنب وذلك ليس لضربه الزوجة ولكن لأنه أحدث بها ضررا ، اما الضرب بحد ذاته فهو مسموح – حسب رأي المحكمة - .
من البديهي بداية أن اذكر انني لا استطيع الخوض في المواضيع الفقهية كثيرا ، ولكنني متأكد في الوقت نفسه أن الكثير ممن يدعون معرفتهم بالدين وحملوا لواء الإفتاء فيه قد اصابونا بخيبة امل كبيرة شجعت الكثير من البسطاء ان يخوضوا في المواضيع الدينية ما دام المطلعون ليسوا أكثر منهم قدرة على التوضيح .
والنقطة الأخرى انني لا استطيع تفسير معنى الضرب في القران الكريم ، إن كان يعني الضرب المقصود والذي نعرفه جميعا أم شيئا آخر ، وهذا من منطلق ان القران فيه كلمات كثيرة لا تعني ما قد يتبادر إلى الذهن مباشرة أي ان معناها ليس مباشرا ...ولكن من المؤكد ان خالقنا الذي كرم جميع خلقه وبمن فيهم الذكر والأنثى ان يسمح بأن يقوم طرف بإهانة طرف اخر ...ولا أظن ان النظريات الحديثة في التربية والتعامل مع الاطراف الاخرى ستكون اكثر إنسانية وعلما من الخالق الذي صنع الانسان وامر ملائكته بالسجود له ووجهنا لكيفة التعامل فيما بيننا من خلال اياته المباركة في كتابه العزيز ...
هل يقبل أي رجل مثقف أن يقوم بضرب زوجته !! وحتى لو قام بينهما أي خلاف هل سيكون الضرب هو الوسيلة لحل ذلك الخلاف !!! ولو افترضنا أن هذه المرأة نشاز أو أذنبت ذنبا كبيرا فهل سيكون الضرب الخفيف هو الحل والطريق الصحيح للعقاب ....هل هناك منا من يقبل ان يقوم رجل بضرب ابنته المتزوجة اذا خالفت رأي زوجها !!!!
إن وجود المرأة تحت التهديد من الرجل هو مرفوض بأي شكل من الأشكال ، فالإسلام ، الدين الحنيف الصالح لكل زمان ومكان ، منع زواج المرأة بدون موافقتها الحرة والكاملة ، فكيف سيجبرها على البقاء لدى إنسان لا يحترمها ولا يقدرها ، فكيف بمن يضربها !!! هل هناك أي إمرأة لا تعتبر الضرب إهانة لها !!!
العائلة في النظام اللإسلامي الحنيف هي نواة المجتمع ، والمرأة هي ركن اساسي في العائلة ، بل ربما لتكون هي الركن الأساسي فيه ، فكيف من الممكن ان يقر ديننا الحنيف أن الرجل يستطيع في هذا النظام ضرب زوجته !!!!! إن القرآن الكريم يحدثنا أن النساء سكن لنا ونحن سكن لهم ، فهل يستقيم هذا مع الضرب !!!!
إن السيرة النبوية الشريفة ، وتاريخ الصحابة عليهم رضوان الله لم يذكر أن الضرب كان أحد الوسائل لعلاج الخلافات بين الرجل وزوجته ، بل على العكس من ذلك تذكر الكثير من القصص عن تعاملهم اللين مع زوجاتهم وحتى مساعدتهم لهم في اعمالهم المنزلية ، ولا بد أن سيرتهم اسوة لنا جميعا ...
إن الفتوى بحد ذاتها في أن الضرب مسموح ولكن بحدود ، هو سلاح تعطيه لذوي العقول غير الراجحة لاهانة المرأة لأنه لن يستطيع فهم الحدود التي يجب الوقوف عندها ولهذا من الواجب على المشرع ان لا يعطي هذا السلاح للتداول بين العامة ...
لا بد ان المشاكل – وهي طبيعية - التي قد تحدث في العائلة بين المرأة وزوجها لها طرق كثيرة لحلها ، والمرأة هي الأقدر دائما على ايجاد الحلول لهذه المشاكل ، ولكن من المؤكد ان الضرب ليس أحد هذه الحلول مطلقا .....