بقلم: داود كتاب
أحسن الدكتور أمجد القاضي بالتفكير والعمل على توسيع عمل هيئة الاعلام المرئي والمسموع لكي تشمل العمل على الترويج للمنتج الإعلامي بشكل عام والمنتج الإعلامي الأردني بشكل خاص. وضمن رؤية القاضي المباركة هذه تم التخطيط لإقامة مهرجان الأردن الأول للإعلام العربي. وقد شهدت العاصمة الأردنية حضور مئات الإعلاميين والعاملين في مجال صناعة الإعلام من أردنيين وعرب الذين شاركوا في حفل الافتتاح ومعرض المنتج الإعلامي وندوات المهرجان.
جلسة الافتتاح لمهرجان الأردن الإعلامي لم تختلف كثيراً عن بقية المهرجانات العربية سوى أنها كانت اقل تنظيما وغاب عنها الأساسيات التي يحتاجها أي مؤتمر على مستوى قطري. قد يقول المدافع عن هيئة الاعلام المرئي والمسموع أن المشاكل التي واجهها الحضور جاءت بسبب قلة الميزانيات والخبرة لدى الهيئة التي قامت بعملية كبيرة في وقت قصير.
ولكنني أعتقد أن المشكلة الرئيسية لم تكن في التنظيم أو الميزانيات بل بالرؤية؛ فملكية وصناعة الإعلام اليوم لم تعد محصورة على المؤسسات الحكومية بل أصبح الإعلام الخاص هو المسيطر في مجال الصناعة الإعلامية. إن المنافسة لإقناع المتلقي أصبحت تتطلب نوعية عالية من المنتوج الإعلامي الذي لم يعد يكفي بثه عبر محطة رسمية لكي يتم استهلاكه محلياً أو عربياً؛ فوسائل الإعلام العربية الحكومية في تراجع يومي لصالح المحطات الخاصة التي تعمل جاهدة على كسب ثقة وإعجاب الجمهور.
لقد بدا هذا الاختلاف واضحاً عند مقارنة حفل الافتتاح بمعارض وسائل الإعلام؛ فقد طغى على الافتتاح طابع الإعلام الحكومي ابتداء من اختيار وزراء إعلام السعودية واليمن لتكريمهم وانتهاء ببث فيلم خاص براديو وتلفزيون المملكة الأردنية الهاشمية دون ذكر أي دور لمؤسسات إعلام وإنتاج إعلامي خاصة. الغريب أن هذا الجو جاء مناقضاً لأقوال مندوب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون الاعلالم والاتصال علي العايد الذي أوضح أهمية دور هيئة الاعلام المرئي والمسموع في إنهاء احتكار الحكومة للإعلام المرئي والمسموع في الأردن.
كما وانعكس الاستمرار في النهج الحكومي في تشكيل اللجنة العليا للمهرجان الذي بدا واضحا من أعضائها (وكلهم ذكور) تمييز واضح للقطاع العام وغياب بشكل كامل للقطاع الخاص. وقد انعكس ذلك التشكيل على فوضى الجوائز التي ذهبت لأشخاص رسميين دون وجود أية معايير واضحة لمن تم تكريمهم، كما ان معظمهم تغيبوا عن الحضور وتسلم مندوبون عنهم التكريم. انتقد البعض تكريم فنانين وأدباء في حين أن المهرجان من المفروض أن يركز على الإعلاميين وصانعي المنتج الإعلامي؛ فالفنانين لهم العديد من المهرجانات ويجب عدم التضحية بالإعلاميين على حساب ربح تصفيق لهذا الفنان المعروف أو تلك الممثلة الشهيرة.
لقد عملت هيئة الإعلام المرئي والمسموع خيراً بقيامها بتنظيم المهرجان الأول للإعلام العربي، وكأي عمل جديد من الطبيعي أن تكون هناك إخفاقات هنا وهناك؛ ورغم انه من المؤكد أن المهرجان الثاني سيكون أفضل تنظيما من الأول إلا انه سيكون من الصعب الوصول إلى تغيير نوعي دون التغيير في عقلية المهرجانات واللجان ذات الطابع الحكومي. فالمستهلك العربي للإعلام أصبح يبتعد كل يوم عن الإعلام الرسمي لصالح الإعلام الخاص. إن المطلوب ليس شطب الإعلام الحكومي مرة واحدة ولكن من الأساسي لنجاح مهرجانات إعلامية إقليمية أن تعطي دوراً أكبر لشركاء من الإعلام الخاص ليس فقط في مجال استئجار مساحات المعارض أو تقديم الرعايات بل بالمشاركة الحقيقية في وضع آلية ومعايير شفافة ومهنية لكافة جوانب المهرجان من نشاطات وندوات وتكريم وجوائز إعلامية تعتمد الجودة المهنية وليس الموازنات السياسية الخارجية أو المحلية.