طلع علينا معالي وزير التعليم العالي بتصريح يؤكد فيه أن ما حدث في الجامعة الأردنية ليس مشاجرة طلابية بحكم أن بعض المشاركين فيها ليسوا من الطلبة.
نعم يا سادة يا كرام، أربعة أيام من المشاجرات وتكسير المرافق واقتحام الحرم الجامعي واستخدام السيوف والسواطير وإطلاق الأعيرة النارية، كل هذا لم يكن كافياً ليقنع معالي الوزير أن عنفاً طلابياً قد حدث في الجامعة الأردنية.
هل يحتاج حدث بهذا الوضوح لأستاذ في اللغة العربية ليشرح لنا الفرق بين العنف الطلابي والعنف المجتمعي؟! أم أن معالي وزير التعليم العالي يريد أن يتهرب من مسؤولياته من خلال اعتبار ما حدث "عنفاً مجتمعياً" وبالتالي فإن الأمر ليس من صلاحيات وزارته!!
أربعة أيام من المشاجرات، لم يحرك فيها معالي الوزير ساكناً .. أربعة أيام لم تكن كافية لتتحرك وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي، ليخرج علينا معالي الوزير يوم أول من أمس بهكذا تصريح عبر شاشتنا الوطنية (التلفزيون الأردني)!!
كنت أتمنى أن تعقد معاليك مؤتمراً صحفياً برفقة رئيس الجامعة الأردنية وتتحدثان فيه عن الدراسات والورشات والمؤتمرات التي عقدتها وزارتكم والجامعة الأردنية وجامعات أخرى ووضعت عشرات التوصيات التي ظلت حبيسة أدراج مكاتب الوزارة.
كنت آمل أن تكشف ،يا معالي الوزير، للمواطن أن العمل السياسي في جامعاتنا جريمة لا تغتفر بينما العنف الجامعي يُعالج بفنجان قهوة سادة ..
كان رجائي أن تعلن وأنت الأكاديمي صاحب السمعة الدولية التي نفخر بها، بأن أسس القبول الجامعي والبرنامج الموازي قد دمرا جامعاتنا وأنك بصدد وضع خطط لوقف هذه السياسات التي تضرب مخرجات التعليم في جامعاتنا وتعزز من ظاهرة العنف الجامعي ..
كنت يا معالي الوزير أراهن كثيراً على أنك ستعتبر ما حدث فرصة سانحة لتضع حلولاً جذرية لظاهرة العنف الجامعي وتتحدث بجرأة عن سياسات حكومية كرست هذه الظاهرة وساهمت في تعزيزها.
أتذكر قبل خمس سنوات، كنا في حملة ذبحتونا نحذر من هذه الظاهرة، فيخرج علينا المسؤولون بكافة تلاوينهم مؤكدين أن هذه المشاجرات هي مجرد أفعال فردية محدودة، إلى أن وصل الأمر إلى مقتل خمسة مواطنين في أحد اث العنف الجامعي وإغلاق إحدى الجامعات لثلاثة أسابيع نتيجة هذه الأحداث.
أرى في تصريحات وزير التعليم العالي تكراراً لتصريحات المسؤولين قبل خمس سنوات: إنكار الواقع .. تهرب من المسؤولية . . والتغاضي عن معالجة جوهر المشكلة.
أختم بمقولة لكارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين: مرة على شكل مأساة والثانية على شكل مهزلة. وفهمكم كفاية، والله من وراء القصد.