قالت المذيعة وهي تلخص تقريرها حول الفيضانات التي اجتاحت احدى القرى البدوية في قطاع غزة "هذه كارثة انسانية". والواقع ان المشاهد التي نُقلت من هناك تهز المشاعر في اعماق اي انسان, كما انها تجعله يخرج عن طوره وهو يرى كيف تتجرأ اسرائيل على فتح سدودها على قرية في القطاع لتغرق بيوتها الرثة بالمياه من اجل تصريف ما زاد عندها من مياه الامطار الاخيرة.
لم املك غير القول "الله يعينكم يا اهل غزة" وانا ارى رجالاً فقراء مع نسائهم واطفالهم يسحبون ما تبقى من اغطية وثياب من المياه والوحول التي داهمتهم على غفلة.
تابعت جميع النشرات الاخبارية امس, في الفضائيات العربية, باحثاً عن رد فعل عربي ازاء هذه الكارثة الطبيعية في غزة, التي يجعلها اكثر مأساوية إنها اضافة اخرى لمأساة شعب كامل محاصر من الجهات الاربع, ممنوع عليه فتح نافذة او باب. كما ممنوع عنه ان يحفر نفقاً بدائياً يتسلل فيه ليجلب الطعام والغذاء. فكيف اذن "تجرؤ" على المطالبة بقوافل عربية توفر خياماً واغطية للغارقين في فيضانات اسرائيل.
لا شيء يوقف اسرائيل من مواصلة سلسلة جرائمها,انها فوق البشر والقوانين, منزهة عن اي حساب وعقاب. هكذا هي »عدالة« القرن الواحد والعشرين ولا اعرف اي سبب يدعو اسرائيل لتتوقف عن مواصلة جرائمها وحصارها لمليون ونصف مليون فلسطيني وهي ترى الدول العربية التي اجتمعت في قمتي الدوحة والكويت ومعها المجتمع الدولي "الذي اجتمع في قمة شرم الشيخ" عاجز عن ارسال طوبة واحدة وكيس اسمنت الى قطاع غزة من اجل اعادة اعمار بيت واحد من بين عشرات الاف المنازل التي دمرتها حملة "الرصاص المسكوب" الهمجية الوحشية القذرة في كل وصف وفي ظل جميع المعايير القانونية والسياسية والاخلاقية.
ماذا هناك لمثلي او للملايين من المشاهدين ان يقدم للتخفيف من مسلسل الكوارث النازلة على غزة, لم يبق غير الدعاء بان "الله يعينهم" وحسبهم الله ونعم الوكيل.
ثم ماذا هناك لمثلي او للملايين من المشاهدين العرب غير الدعاء لاولئك الذين يتقاتلون على مكاسب السياسة, فيما نسوا الطامة الكبرى التي اغرقوا فيها شعبهم,اقصد حكومتي رام الله وغزة.
ادعو الله بان يعيدهم الى رشدهم, و يدركوا قبل فوات الاوان, ان ما هو اهم من شارات تحرير كامل التراب او 20 بالمئة منه هو العمل بلا هوادة من اجل فتح بوابات المعتقل الكبير المحكمة الاقفال على مليون ونصف المليون من شعب القطاع.
اسرائيل التي سكبت الرصاص على رؤوس المدنيين في غزة في صور مرعبة شاهدها العالم كله. اسرائيل التي اقامت الى جانب الجدار جدارات ثم ترسل مياه الفيضانات لتكتسح بيوت الفقراء المعدمين, الذين فقدوا منازلهم ولاذوا بالفرار هرباً من رصاصها المسكوب. اسرائيل هذه لا ترتدع ببيانات حادة من حكومة مؤقتة, ولا هي ملتفتة لاسراب حمام حكومة تصريف اعمال, ما يردعها وحدة فلسطينية تثبت للعالم بان ما يجري في فلسطين, هو شعب محتل يقاوم قوة احتلال فاشية بصدره العاري وبدم اطفاله وشبابه, وطعامه ودوائه وليس بجيوش "حكومتين فلسطينيتين" مقابل حكومة اسرائيلية واحدة, وغير ذلك, من اوهام قادت الى اوهام, ادت الى انقلاب الصور والحقائق والوقائع امام الرأي العام العالمي.
على الجانب الاخر, تحتج اسرائيل على المسلسل التركي "وادي الذئاب" الذي يصور جزءاً يسيراً من جرائمها, لكن ماذا عن المسلسل اليومي الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال والحصار والحواجز وخلف الجدارات . من ذا الذي سيحتج على هذا المسلسل اليومي الذي تزداد فيه قطعان الذئاب الصهيونية شراسة ودموية! بينما العرب والمجتمع الدولي لهم "اذن من طين واخرى من عجين" .