عادة وأنا أمخر عباب أرخبيل الخمول بين الصحو والنوم ، يهاتفني بين الفينة والأخرى مواطن مقهور ومتضايق من كثرة الأخطاء النحوية التي يقترفها السادة الكبار. ولا يأبه الرجل عادة من ذلك التناقض الصارخ بين ما يقال وبينما يحصل فعلا ، بل يعتقد ان كرامته قد أهينت من بضعة أخطاء نحوية في كلمات السادة الأفاضل.
سيدي الفاضل ، من خطأ مطبعي ونحوي ولدت ديمقراطيتنا ، كانت الكثير من الأشياء مرفوعة ومنصوبة فتم كسرها في نيسان .9891. ثم جاء البرلمان،، ، فكيف تطلب ممن جاؤوا نتيجة خلل نحوي في قراءة الأحداث ان يحافظوا على قواعد اللغة بيانا وبديعا وبلاغة؟؟.
سيدي الفاضل ، منذ قرون لم اعد أمنح نفسي ترف الاستماع أو قراءة خطابات الحكومة ، لكني اعرف ان ما تقوله صحيح ، فقد شاهدت قبل ذلك بقرون خطابات من مجالس وحكومات أكثر تقدما من هذا المجلس وهذه الحكومة ، وكان يثغو بالأخطاء اللغوية ، لكأن السادة يرغبون في إرضاء الجميع ، حتى أولئك الباحثين عن الأخطاء اللغوية.. مثلك،،.
سيدي الفاضل ، للعلم ، أنا أيضا لا أقصّر في مجال الأخطاء النحوية خلال الخطابة ، لكني لن أرشح نفسي للبرلمان ولا للحكومة ، وحينما اضطر للحديث في الندوات أحتال على ضعفي باللغة الدارجة. لذلك أشكر التلفزيون الأردني الذي أتاح لي فرصة عدم الظهور والتحدث أمام الناس.
سيدي الفاضل ، لا تلم السادة ، فان شعبا ، بل شعوبا عربية بقضها وقضيضها تعيش في أوقيانوس من الأخطاء النحوية: يرفعون المفعول به إلى الأعالي ويجرّون الفاعل ويسحلونه في الطرقات،، ، يجعلون المبتدأ في خبر كان ، والخبر ضمير مستتر تقديره الفساد والإفساد دائما والجملة الاسمية في محل فاعل مرفوع فوق رؤوسنا رغما عنا ، تقديرة صندوق النقد الدولي،، ، يسمون المقاومة إرهابا ، وقراصنة النفط يدعونهم بالمحررين،، ، يتآمرون على ظرف الزمان ويسمسرون على ظرف المكان ، ويصرحون ان ليس بالإمكان أفضل مما كان.
سيدي الفاضل ، لحلحها،،، وتذكر قصة النحوي الذي صعد في قارب مع رجل آخر ، وفي الطريق سأل النحوي الرجل إذا كان يعرف في علم النحو فقال الرجل انه يجهل ذلك تماما ، فصرخ النحوي: إذا فقد خسرت نصف عمرك،،. بعد قليل اشتدت العواصف وشارف القارب على الغرق ، فقال للرجل للنحوي: - هل تعرف السباحة؟؟.
- لا.. أبدا ، فقد كنت منهمكا في تعلم النحو والصرف.
- إذن.. فقد خسرت كل عمرك،،.
ghishan@gmail.com