هل كان من الضروري ان ينشر موقع الويكيلكس كل هذه الوثائق عن الحرب في افغانستان والعراق حتى نعلم ماذا يجري خلف الابواب والكواليس ، ربما كان موقع الويكيلكس المختص في نشر ومتابعة اخبار الحكومة الامريكية مفيدا في إعطاء هذه المعلومات للشعب الامريكي والشعوب الاوروبية ، اما نحن هنا في الاردن وما حولها فلا ننتظر من الويكيلكس هذه المعلومات لاننا متيقنون منها ....
فهل محاباة الحكومات العراقية المتتالية للشيعة في العراق سرا !!هل قتل السجناء في زنازهم سرا !! هل قتل المواطنين العراقيين على الهوية سرا !!هل تشكيل المليشيات ودعمها من الحكومات العراقية من اجل اهداف معروفة هو احد الاسرار !!هل جرائم امريكا في العراق وقتلهم الابرياء في العراق وباكستان وافغانستان تحتاج الى اثبات !! ربما كان الفرق في عدد الضحايا ، وإذا كان هذا الرقم سيفرق مئات من الالاف ، هل لهذا أي اهمية بالنسبة لأمريكا او لحكام العراق ....
لا اظن ان وثائق الويكيلكس ذات اهمية لنا فنحن نعلم جيدا عن الظلم الذي وقع وما زال يقع على الشعب العراقي ، والمجازر التي تعرض ويتعرض لها العراقيون ونشاهدها الان بأسى ، ليست سوى الجزء الثاني من مجازر سابقة تعرض لها الشعب الفلسطيني وشاهدها ايضا الشعب العربي وبأسى ....ولكن هذه الشعوب العربية المغلوبة على امرها لم تستطع ان تقدم شيئا في الماضي للشعب الفلسطيني بل وعلى العكس وتبرأت منه ، وهي الان لا تقدم شيئا للشعب العراقي ، بل واصبحت تراه عبئا عليها كما رأت الفلسطينين من قبل ، فهذه الشعوب المقهورة والغير مستفيدة بشكل مباشر من اموال العراقيين التي ملأت بلادهم لا يرون فيهم الا لاجئين يقاسموهم لقمة العيش وموارد ماءهم المحدود وفرص عملهم الضعيفة ، ويتناسى الجميع كيف كان العراق ملاذا لكثير من ابناء الامة في ظل الحكم السابق ......
هذه هي امريكا التي جاءت بأساطيلها وجنودها يطئون (ببصاطيرهم) ارض العراق الطهور ،هذه هي امريكا التي نخضع يوميا لأوامرها بشكل مباشر او غير مباشر ، هي امريكا التي تطمعنا الرغيف وتبيعنا الالات التي نصنع بها لباسنا الداخلي وتبيعنا السيارات والباصات لنذهب الى اماكن عملنا بدل ان نستعمل طريقة ال ( 11 )..وهي التي صنعت لنا الموبايل والذي يبلغ عدد المشتركين فيه اكثر من عدد السكان لأننا لا نكتفي بجهاز واحد ، وهي امريكا التي اخترعت لنا الانترنت والكمبيوتر والذي تتوقف حياتنا بدونه إذا قطعت كيبل البحر المتوسط عن بنوكنا واسواقنا المالية ....
هذه هي امريكا التي نشتمها يوميا ونحرق علمها احيانا ...ويتمنى الكثير الكثير منا ان تتاح له فرصة السفر اليها والحصول على جنسيتها او على الاقل الغرين كارت فيها .... هذه امريكا التي يحاول بعضنا ان يرسل زوجته الحامل اليها حتى تلد مولودها هناك ويحصل على الجنسية بمجرد مولده واخرون يولدون ويعيشون ويموتون في بلاد وتسحب جنسياتهم فيها بجرة قلم ....
هذه هي امريكا التي زادت من انفصام شخصياتنا انفصاما ...فالشعب العربي الذي يعاني ومنذ سايكس بيكو في انفصام الشخصية ما بين بلدي اولا من جهة وانا عربي من جهة اخرى ، جاءت امريكا لتزيد من مرضه ...فهو يعاني من داء اسمه امريكا التي نحب ...ونكره
د معن سعيد
Awsat55@hotmail.com