زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - قد لا يدخل المرجع المركزي في الأردن، في حسابات التفاعل المبكر مع رغبات الشارع التي تطالب بإقالات واستقالات لكبار المسؤولين بعد الأحداث الدامية في مدينة الكرك جنوبي البلاد، لكن الوقوف على عتبة مثل هذا الاستحقاق أصبح، وفق محللين سياسيين، محطة في دائرة الاستحقاق وبكل الاحوال. هذا الوقوف قد لا يتسارع زمنياً، لكنه ايضاً، قد يبرز في توقيت لا بد منه ليس على أساس الاستجابة لمواقف الشارع.
ولكن على أساس صعوبة استمرار الطاقم الأمني الذي أدار أزمة الكرك الأخيرة، وضرورة الانتقال إلى مستوى تغيير الرؤوس والنهج، وليس الأسماء فقط. وذلك بالرغم مما حصل أمس الاول في مجلس النواب حيث الاخفاق في تمرير مذكرة لحجب الثقة عن وزير الداخلية ومدير الأمن العام.
الانتقال لمرحلة جديدة في المواجهة المفتوحة مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، تبدأ من داخل الحواضن الاجتماعية المحلية، وحتى في أوساط بعض العشائر التي لا يمكنها بعد الآن توفير مظلة لتفهم أو حماية أي من أولادها المتطرفين بسبب حجم الاستياء الشعبي العام من إطلاق النار لا على التعيين في شوارع الكرك وبسبب الكلفة التي تعود على العشائر نفسها مع الدولة، ومع بقية العشائر وأطراف المجتمع.
هذه البيئة ينبغي اقتناصها لتوجيه ضربات، تجاهلتها الدولة، لكل بؤر التشدد وحواضن مجموعات الذئاب التي تسمى منفردة سواء تعلق الأمر بتنظيم «الدولة» أو بغيره في سياق النشاط الجهادي.
وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة لتقييم موضوعي على مستوى التحدي لمشكلات لا يمكن إنكارها في الإدارة الأمنية قد لا يكون من المناسب للدولة نقاشها تحت وطأة اشتباك مع خلية أو مجموعة مسلحة ومعها لا يجوز أن تتمكن خلايا نائمة أو مستيقظة من فرض أجندتها في الحالة الأردنية.
ولا يغفل الخبراء، التلميح، لمشكلات في التجاهل والإنكار أولاً، وفي التكتيك وقواعد الاشتباك خلال المداهمات ثانياً، وذلك بعد استعمال المسلحين لخواصر رخوة، الأمر الذي انعكس سلباً على أي صورة ممكنة لتنظيم « الدولة» في أوساط الشارع، خصوصاً جنوبي المملكة، حيث الحواضن التي درج المسؤولون على الإشارة اليها.
بعض تفاصيل ما حدث بحاجة ملحة لتفسير بالنسبة للشارع خصوصاً في شرح وتبرير الخسائر الكبيرة في الأرواح وسط رجال الأمن والدرك وحصول اخطاء اقرت بها السلطات عمليا خلافاً للإرتباك في الأداء الإعلامي الرسمي.
ثمة تساؤلات بقيت مطروحة على مواقع التواصل الاجتماعي، حول تصريحات رئيس الوزراء الأولية، ووزير الداخلية، بخصوص عدد الإرهابيين في قلعة الكرك، ومبررات غياب المبادرة الاستخبارية قبل حصول المواجهات. وتساؤلات حول انتهاء الذخيرة خلال عملية الاشتباك واضطرار المواطنين في أكثر من حالة للتدخل بسلاحهم وذخيرتهم. فضلاً عن استفسارات عن طريقة مطاردة سيارة المجرمين وقضية استدراج مشتبه به مسلح موقوف، وتمكنه رغم القبض عليه مخفوراً من مباغتة القوة الأمنية، وقتل أحد رجال الأمن وإصابة آخرين.
في مطلق الأحوال، الملاحظات، يحتفظ بها كثيرون، على أداء مؤسسات كانت تتميز دوماً بالكفاءة العالية، خصوصاً بعد تلاشي فكرة «التفوق المعلوماتي»، التي ظهر الآن بأنها غير صحيحة محلياً، وإن كانت صحيحة اقليمياً.
لذلك، لا أحد عملياً يمكنه المزاودة على مؤسسات الدولة نفسها التي ترصد مثل هذه الملاحظات قبل وأكثر من غيرها، وأغلب التقدير أن العين الملكية ترصد وبحرص وعناية وحزم من خلال التواجد الشخصي للملك ولكبار الأمراء في مركز خلية الأزمات.
المهم، سياسياً الآن، بعد عبور الأزمة الأخيرة، ووضع خطة متكاملة لمغافلة كل الخلايا النائمة وضع أسس معادلة تقييمية وطنية بدون تسرع وليست قائمة على ردود الفعل. هذا الأمر، مرجح حدوثه حالياً في غرفة القرار المركزية وسط قناعة بأن عملية تغيير النهج والأدوات والطاقم الأمني قادمة حيث أن ما حصل ليس من النوع الذي يمكن الاستمرار في إنكار مشكلاته الكبيرة والمتسعة.
القدس العربي