لقد تابعت مشكلة طلبة الثانوية العامة الاردنيين الذين التجأوا الى تقديم ثانوية السوداني هروبا من لهيب ثانوية الاردن ، وقصة توقيف عدد كبير منهم لثبوت تسريب الاسئلة لأحد مكاتب استيراد وتصدير الطلاب ، حيث قادت خيوط القصة الى فساد في حضن نظام امير المؤمنين ، وهي – عملية بيع اسئلة الثانوية – ما هي سوى مظهر من مظاهر فساد عامّ طامّ تمارسه حكومة خلافة الكيزان ، والكيزان مصطلح من صناعة احد موجدي ومنظري ومؤسسي خلافة الكيزان الشيخ حسن الترابي حينما وصف نفسه والانقاذ بالقول :" اذا كان القران بحرا فنحن الكيزان " !!! ، اي انهم اهل الغرف من كتاب الله العزيز فهما وتطبيقا وعدلا في خلافة راشدة – يارب سترك – وقد اوصل الدجل منتهاه !!!.
لقد صدق وصف الكيزان حقا على حكم البشير ، ولكن مخالفة وبعدا وجفاءا لكتاب الله ، وقد برهنت الأحداث والأرقام ووثائق ويكيليكس أنّ جماعة نظام ( الانقاذ ) شرعوا يغرفون الفساد والنهب والجشع وبيع ثروات الوطن وممارسة الاثراء من اجساد السودانيين وتعبهم ودمائهم وقوتهم ، وقد تحول جماعة ( الانقاذ ) من نسّاك زهاد الى لصوص نهب وفسّاد .
وحتى لا نلقي الكلام جزافا او نتركه على غاربه ، لابدّ من تقديم بعض الشرح والتوضيح والأدلة ، وهي ماثلة للعيان كالشمس اذا طلعت لا تحتاج الى دليل ، وقد ابتلينا في عالمنا العربي والإسلامي بافتين في الحكم احلاهما مر, امّا العسكر أو الاسلام السياسي ، وفي غفلة من الناس نلاحظ قد تنازل نظام البشير عن جنوب السودان ودارفور ثمنا للحكم وتكريسا للخلافة الملكية ، اذا ما علمنا مساحة المنطقتين وثرواتهما تبلغ ما يزيد عن عشرة اضعاف ارض فلسطين حيث تقدر مساحة المنطقتين معا قرابة المليون كم مربع .
ثم نتحول الى ما كشفه مدعي عام الجنائية الدولية اوكامبو وتقرير مجلة بيبول ووثائق ويكيليكس عن حجم ثروة البشير التي تجاوزت ال 9 مليارات في حساباته المصرفية في المصارف العالمية البريطانية والأمريكية وغيرها ، فضلا عن ثروة أشقاء البشير وأعوانه وجماعته وشركاتهم ، مما يصعب حصره وحصر ارصدتهم وممتلكاتهم ، ومنهم طه عثمان احمد حسين المقرب من زوجات البشير، سكرتير الرئيس الذي تحول من ممرض الى صاحب ارصدة يمتلك العقارات في دبي والشركات هنا وهناك ، وبعد كل ما أصاب وغنم ونهب من خيرات السودان يعتنق الجنسية ألسعودية ! .
والأخطر من ذلك كلّه من ممارسات النظام في بيع وتمليك مقدرات السودان وثرواته لبنك الصين للاستيراد والتصدير عبر مشاريع وهمية ، بمعنى يستقدم رساميل بفوائد معقدة ومركبة وشروط صعبة لمشاريع لا تنفذ ، لتبلغ ديون السودان الخارجية ما يزيد عن ال 60 مليار ، ولتتحول القروض الى جيوب النظام وجماعته ، وعند كل موعد استحقاق للسداد تجري الجدولة ومضاعفة الفوائد واطلاق يد الدائن بنك الصين وتمليكه ملايين الفدادين من أراضي الدولة ، أمّا بنك الصين للاستيراد فانّه يمارس سياسات استعمارية تفوق وصفات وسياسات الصندوق والبنك الدولي ، وعند محاولتك الاطلاع على بيانات وشروط بنك الصين وهم يلتهمون السودان بمباركة الانقاذ ، تجد أنّه يخفي بياناته ويحافظ على سرّيتها ، حتى عن مراكز دراسات تحسين نتائج وعوائد التنمية .
لقد بيّنت بيانات النظام أن عوائد صادرات النفط السوداني بلغت ما بين الاعوام 2005-2011 ما يزيد عن 50 مليار دولار ، بينما بلغ الفائض في موازنة الدولة ما يزيد عن 11 مليار دولار ، لتصبح مديونية السودان اليوم ما يزيد عن ال 50 مليار دولار ، فلماذا تقفز ارقام المديونية بعد توفر الفائض ! وما الذي يحصل في ظل زيادة الفقر والجوع وتراجع كل مؤشرات الاقتصاد السوداني سوى فساد الحكم وإثرائه على حساب جوع المواطن وقوته ، فأي انقاذ وأي نظام !
وإذا ما دلفنا الى دائرة الشفافية والمساءلة ، على قاعدة اشهار الذمة المالية ، ومن اين لك هذا ، نتمكن من الحصول على نتائج فاجعة ، لنقول تحولت أسرة حسن البشير – والد الفريق - وهو مزارع بسيط في منطقة كافوري كان يعمل عند احد الاثرياء(قبل الانقاذ) لتصبح أسرته أكبر ملّاك المنطقة التي تعد أغلى مناطق السودان ، وليكون الفريق وأسرته أضخم جامعي للثروة والشركات في العالم من منطقة افقر شعب في العالم تضربه المجاعات والموت والفيضانات والصراعات وجشاعة الخلافة الراشدة .
يغض تنظيم الاخوان المسلمون الطرف عن خلافة الكيزان المزعومه،ويستمر امير المؤمنين البشير بسياسته في تجويع وترويع الشعب السوداني الشقيق ،واذكر أنّ السودان اليوم يمر بريبع قاس ودعوات للعصيان المدني في محاولات لتخلص من ربقة ونير الأنقاض الذي فاق الأستعمار المباشر في تدميره للسودان وثرواته ، ولا نرغب بمأساه تراجدية ونهاية حزينة لنظام الكيزان كما حصل مع زين العابدين والقذافي وغيرهم .
سئل مواطن من كوبا : لماذا لا يعمل شعبكم بالثورة على رئيسكم فيدل كاسترو زمن الحصار الذي دام عشرات السنوات ، فأجاب ببساطة لأنه لم يلبس إلا الكاكي وأكل طعامه كما باقي الشعب !