لا عيب في أن يكون هناك خلاف وإختلاف بين الناس من أبناء الوطن الواحد وأن تكون هناك اعتراضات قد تصل في بعض الأحيان حتى حدود التناقضات فهذه أمور إن هي ليست صحية ومطلوبة فإنها غير مؤذية ولا تشكل أي خطورة بشرط أن يجري كل هذا في إطار الوحدة وعلى أرضية التنافس الشريف من أجل هذا البلد الذي يتميز عن غيره في أنه في كل مسيرته لم يعرف الإقصاء والعنف وحلَّ الطارئ من أموره بالقوة والمذابح الدموية .
أما أن يكون النقد ليس بناءً وأن يكون بمثابة رقصٍ في أعراس الآخرين وأن يغلب عليه التجريح والإتهامات الظالمة فإن هذا عيب ما بعده عيب وأن هذا يستدعي « المفاصلة « ويستدعي أن يُقال للأعور : « أعور في عينه « ويستدعي إذا إقتضى الأمر أن يتعطل الحوار إذا ثبت أن الحوار مع بعض الناس غير مفيد وليس مجدياً واللجوء إلى وسائل هي مرفوضة وغير مقبولة إطلاقاً في الأحوال والظروف العادية.
لا يجوز الإعتراض على معارض سواءً كان حزباً سياسياً أم شخصاً عادياً إذا كان هدفه التصدي للأخطاء وتصحيح المسيرة فالمعارضة الصادقة التي هدفها الإرتقاء بالأردن ومسيرته ونهضته ضرورية ومطلوبة وهي فعلاً الجناح الآخر للحكومة أمَّا التحامل المدفوع بأجندات خارجية معادية لهذا البلد ولنظامه ولشعبه ولترابه فإن هذا لا يمكن تصنيفه إلا في إطار الخيانة الوطنية ولا يمكن إلا أن تكون هناك محاسبة صارمة عليه إذا لم تجد محاولات الإقناع بالمنطق وبالحجج الدامغة .
إنه شيء طبيعي أن تخطىء الحكومات وأن يخطىء بعض المسؤولين لكن ما يجب الإتفاق عليه من الجميع ، المعارضة والحكم ، هو أن الأردن لا يخطىء وأن الحق إلى جانبه دائماً وأبداً فهذا هو الحد بين الخيانة الوطنية والرأي فالرأي مقبول مهما بلغت درجة مخالفته أما الخيانة والعياذ بالله فإنها الذنب الذي ما بعده ذنب وأنها الأمر الذي لا يمكن التسامح بالنسبة إليه ولا التساهل في شأنه .
حتى إتفاقية وادي عربة التي أقرها ممثلو الشعب الأردني وغدت قانوناً نافذاً فإن نقدها والإعتراض عليها لا يجوز أن يكون ممنوعاً ولا محرماً وأنه من حق أي معارض أن يسعى لإلغائها ولكن بالوسائل الديموقراطية وبالوسائل السلمية ومن خلال البرلمان الذي أقرها وأُعتبرت بعد ذلك سارية المفعول .
لكن كل هذا يجب أن يكون بلا إتهامات ولا تخوين وبلا تحويل شاشات بعض الفضائيات إلى منابر ضد هذا البلد وضد مؤسساته الوطنية وبصورة تشعر كل أردني مخلص وصادق أن هؤلاء الذين أصبح شتم الأردن مهنة لهم لا تربطهم بهذا التراب وبأهله أي رابط ! الأردن دائماً على حق بالنسبة للقضية الفلسطينية وتداخلاتها والأردن دائماً على حق بالنسبة لعلاقاته العربية والأردن دائماً على حق بالنسبة لعلاقاته الدولية والأردن دائماً على حق في محاربة الإرهاب وتنظيماته والمتعاطفين معه في أي مكان في الكرة الأرضية والأردن دائماً على حق عندما يجاهر بالعتب على أشقائه وأصدقائه الذين يتقصدون ألاَّ يفهموا مواقفه وسياساته .. إن كل شيء بالإمكان القبول بالإختلافات حوله ماعدا حقيقة أن الأردن دائماً على حق .