ككل الانتخابات السابقة تنشط حركة مغازلة البطون عند السادة المرشحين لدغدغة بطون الناخبين وعواطفهم ومشاعرهم ، ولسان حالهم يقول \"سمِّن كلبك يتبعك\"، بالإضافة طبعاً إلى ما يرشح هنا وهناك من توزيع الأموال وشراء الأصوات باستخدام أساليب شيطانية وحيل إبليسية لا يمكن التأكد منها بسهولة، وإن كانت رائحتها تزكم الأنواف، وتتداولها التجمعات، فلا دخان بلا نار.
إنَّ المرشح الذي لا يستطيع أن يجمع الناس إلا بالمناسف وصحون الكنافة هو مرشح ضعيف بالضرورة، مرشح يحسب كل الناس جوعى وهو المتفضل عليهم، وهو ربُّ نعمتهم، مرشح يحتقر الناس ويستخف بهم، مرشح يحسب الناس قطيعاً عنده يجمعه بمنسف ويفرقه عندما يشاء بعد أن يتجشأ خطابات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
إنَّ المرشح الذي يتقرب للبطون لتكون سبيله إلى أصوات الناخبين، مرشح لا يستحق أن يكون نائباً يمثل المواطنين، مرشح لا يؤتمن على مصالح الشعب وآماله وآلامه، مرشح يتعامل مع المواطنين كما يتعامل الراعي مع قطيعه، مرشح لا يحسب للناس حساباً، مرشح لا يحترم إنسانية المواطنين، ولا يقدرهم، وليس لهم مكانة عندهم، وقيمتهم الوحيدة هي في أصواتهم التي تصب في رصيده يوم الاقتراع.
ونداء إلى الناخبين، لا تنتخبوا من يخاطب بطونكم ويستخف بعقولكم، لا تنتخبوا من يحسبكم جوعى فيطعمكم، وعراة فيكسوكم، ومتسولين فيعطيكم بعض الفتات، لا تنتخبوا من جربتموه سابقاً وعرفتم تاريخه وكذبه، ولا تنتخبوا من لم يكن من أصحاب النخوة والنجدة والمبادرة الذي لم يظهر إلا في موسم الانتخابات، ولم يُسمع له صوت إلا من قريب، ولم يظهر كرمه إلا مؤخراً، ولم تعلو نخوته وهمته إلا لأجل أصواتكم يستحلبها منكم؛ لأنَّ هؤلاء إن قُدِّر لهم الوصول إلى قبة البرلمان، تبرأوا منكم، وقلبوا لكم ظهر المجن، فقد كنتم لهم سلماً، فلما وصلوا ارتقوا ورفصوا السلم بأقدامهم، لقطع كل صلة كانت بينكم وبينهم، بل إنَّ بعضهم يعتبر أن اضطراره التقرب منكم في موسم الانتخابات وصمة عار في تاريخه.
لا يخدعنكم معسول الكلام، ومزيد الاهتمام، ومشاركتكم أفراحكم وأتراحكم، ومسارعتهم إلى خدمتكم وتلمس حاجاتكم، فأنتم لهم مطية، وشعارهم \"أكرم مطيتك توصلك\"، فأنتم وما ترضونه لأنفسكم!
قاطعوا من يبسبسون لكم بالمناسف والكنائف، لا تدخلوا مقراتهم، ولا تجروا وراءهم، ولا تدعوا لهم، ولا تؤازروهم، ولا تأكلوا من سمومهم وعلقمهم وصديدهم، ولا تتابعوهم في طريق، وتجنبوهم كما يتجنب الصحيح الأجرب، واحفظوا كرامتكم، فقد ولدتم أحراراً لا عبيداً، وأعزاء لا أذلاء، وشبعى لا جوعى، ومكسيين لا عراة.
إنَّ المرشح الذي ينفق ديناراً لاستدراج صوت وشراء ذمة واستغلال حاجة، هو مرشح بلا قيم ولا ضمير ولا خلق، مرشح سيسترد كل دنيار بألف من أموال الناس، ومع كل دينار كرامة الناس ودماءهم، بطرق لا تخطر على قلب إبليس وأعوانه، لأنهم هم سادة إبليس ومن علمه السحر والخبث.
أيها الناخبون، الوطن يحتاج إلى نواب يمثلونكم خير تمثيل، نواب يكونون للوطن، ولا يكون الوطن لهم، نواب يدفعون للوطن من جيوبهم، ولا يضعون الوطن في جيوبهم، نواب يفتدون الوطن بأرواحهم، لا نواباً يسخرون الوطن لشهواتهم وأطماعهم، نواب يحترمون في الناس عقولهم ومشاعرهم وظروفهم، لا نواباً يُعلِّفون المواطنين ليحققوا بهم مآربهم، نواب يدفعون للناس من أموالهم، لا نواباً يشترون الناس بأموالهم.
وإلى الحكومة أقول إذا كنت تعتبرين عشرة دنانير يقدمها المرشح للناخب من قبيل المال السياسي جريمة انتخابية يعاقب عليها القانون، فماذا تعتبرين تقديم المناسف والحلويات جهاراً نهاراً، وما الفرق بينهما؟ إذا كانت الغاية واحدة، والضحية هي نفسها؟
mosa2x@yahoo.com