لم يكن خبر إغلاق صحيفة السفير اللبنانية العربية خبراً عادياً نختم به عام ٢٠١٦ دون أن نتوقف أمامه بالكثير من التأمل. "السفير" الصحيفة التي أسسها طلال سلمان في منتصف السبعينيات، واستطاعت استقطاب أهم الكتاب والأدباء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب من أمثال محمد حسنين هيكل، ورفعت السعيد، وعلاء الأسواني، وعبدالرحمن منيف، وياسين الحافظ، وسعد الله ونوس، وسليم الحص، وجورج قرم، ونصري صايغ وجوزيف سماحة، وساطع نور الدين، وإسكندر حبش، إضافة إلى سليمان تقي الدين وحلمي موسى ومروان عبدالعال، والفنان المبدع الشهيد ناجي العلي ..
السفير التي علمتنا أن لا حيادية في الإعلام، بل هنالك موضوعية وانحياز لمن "لا صوت لهم" كما يقول شعارها.. كما أنه لا حيادية عندما يتعلق الأمر يقضايا الأمة، فكانت "جريدة الوطن العربي في لبنان .. وجريدة لبنان في الوطن العربي" منذ اليوم الأول لصدورها..
كل هذا الإرث لم يشفع للسفير في زمن العولمة الذي طغى فيه التسويق على حساب الإبداع، والإعلان على حساب الإعلام، فكان القرار الذي صدم جمهور المثقفين والنخب السياسية والأدبية، بوقف صدورها مع بداية العام 2017، والذي سنستهله دون "صوت من لا صوت لهم".
لم تستطع "السفير" الانسياق خلف إعلام البترودولار، كما فعل العروبي "المتقاعد" عزمي بشارة .. ولم تستوعب أن يكون لخبر واحد على موقع إلكتروني "فضائحي" نسب مشاهدة تتجاوز كا فة مشاهدات مقالاتها وتحليلاتها ..
لم يفهم القائمون على الجريدة أن خبر "سقوط إليسا في حفل غنائي" أو "شاهدوا نانسي عجرم بملابس الحمل" أو "أول صورة لميريام فارس بعد الولادة" أو حتى "بالصور، لقاء العمالقة: هيفاء وهبي تلتقي كاردشيان". أقول، لم يستوعب القائمون على الجريدة أن هذه الأخبار أهم بكثير –في هذا الزمن- من قراءات حلمي موسى في الصحافة الصهيونية، وتحليلات سامي كليب وتقارير لينا فخر الدين.
في زمن أصبح فيه عرس مغنية مغمورة "بلقيس" يحظى بمشاهدة ما يقارب المليون مواطن عربي، وفي الوقت الذي أضحت فيه لجين عمران رائدة الإعلام العربي، يصبح وجود صحيفة بحجم وقيمة السفير في هكذا وسط إعلامي أمراً ومستغرباً وخارج السياق.
شكراً للسفير التي علمتنا أثناء وجودها معنى الصحافة والإعلام، وتُعلمنا بعد توقفها إلى أي مستوى من الحضيض وصل إعلامنا.